سوريا تقلب الموازين في السوق، وانخفاضات قياسية في عملات الاسواق الناشئة
كانت حركة السعر في الاسواق المالية اليوم مثال قياسي على كيفية حجب المخاطر الجيوسياسية على العوامل الاقتصادية في الاسواق المالية. خلال الجلسة الامريكية اليوم، كانت التقارير الاقتصادية الامريكية متباينة، بينما ارتفع مؤشر ثقة رجال الاعمال في الاقتصاد الألماني في الصباح. وقد خرج المستثمرون على الرغم من ذلك من مراجحات الشراء بالاقتراض بسبب الخطر المتزايد من رد الفعل الدولي تجاه ما يحدث في سوريا، الامر الذي دفع بجميع العملات الاساسية الى الاسفل مقابل الدولار الامريكي والين الياباني.
وعلى الرغم من انخفاض الاسهم هذا الشهر والمفاجآت الهبوطية من التقارير الاقتصادية الامريكية، ارتفع مؤشر ثقة المستهلك خلال شهر اغسطس. وقد ارتفع مؤشر ثقة المستهلك من كونفرنس بورد الى مستوى 81.5 من مستوى 81 مسجلا ثاني اعلى مستوى له منذ يناير 2008. كما ارتفع مؤشر ريتشموند الصناعي بينما سجلت اسعار المنازل نمو بمعدل أبطأ خلال شهر يونيو، حيث ارتفع مؤشر “كيس شيلير” بنسبة 0.89% مقابل الشهر السابق عند 1.04%.
في الوقت ذاته استمرت عملات الاسواق الناشئة في الانهيار، حيث انخفضت الروبية الهندية والليرة التركية الى مستويات قياسية مقابل الدولار الامريكي. وساهم ارتفع معدلات كره المخاطرة والمخاوف بشأن سوريا في تعرض هذه العملات لبيع مكثف، إلا أن السياسات المحلية قد جعلت هذه الانخفاضات أكثر حدة. في الهند، تعرضت الاسواق لانخفاضات حادة بعد موافقة البرلمان على خطة قيمتها 20 مليار دولار أمريكي لتقديم الحبوب الرخيصة للفقراء. وسوف يصل هذا التشريع الى 70% تقريبا من سكان الهند الذين تبلغ كثافتهم 1.2 مليار نسمة. ولا يوجد من ينكر ان الطعام للفقراء هو حاجة ملحة في الهند، إلا أن الأرز سيكون مدعوما بشكل كبير جدا من الحكومة، مما يثير مخاوف بشان قدرة الحكومة على السيطرة على النفقات أو تلبية اهداف العجز المالي. وكرد فعل لهذا، دفع المستثمرون بالروبية الهندية بما يزيد عن 2.8% مقابل الدولار الامريكي. وعلى الرغم من المبادرات الواسعة النطاق، إلا أن الهند تواجه مشكلة حقيقية مع ثقة المستثمر. وهذا ما يجعل العديد من المستثمرين المحليين يفضلون الاستثمار خارج البلاد أكثر من استثمارهم المحلي، ومع استمرار ضعف العملة الهندية، سوف يحتاج البنك الاحتياطي الهندي الى الاعلان عن المزيد من الإجراءات الاضافية للوصول باسواقها على الاستقرار.
كما انخفضت الليرة التركية بنسبة 1.9% الى ادنى مستوى قياسي مقابل الدولار الامريكي، بعد أن قال البنك المركزي أنه لن يرفع سعر الفائدة. وبينما على تركيا بيع كمية كبيرة من الدوريات لمعادلة انخفاض الليرة التركية، إلا أنهم يرون ان هذا الانخفاض مؤقت وبهذا فإنهم لن يرغبوا في تغيير خططهم بالحفاظ على اسعار الفائدة عند 6.75% حتى ينخفض التضخم الى 6.2% (والذي يقع حاليا عند مستوى 8.8%) ولسوء الحظ فإن انخفاض العملة التركية سيجعل من الصعب للغاية تراجع معدل التضخم بل وسيجعل هناك خطورة من ارتفاع الاسعار. ويفضل البنك المركزي في تركيا الدفاع عن الليرة التركية عن طريق التدخل إلا أن التضخم بدأ في الارتفاع بسبب ضعف العملة، ولن يكون أماهم خيار سوى رفع اسعار الفائدة.
في نهاية اليوم، أصبح لدى البنوك المركزية في الاسواق الناشئة معركة طويلة وسيكون من الصعب عليهم اجتيازها بمفردهم.
بااارك الله فيكم