تقرير خاص عن القرار المرتقب عن أسعار الفائدة والسياسة النقدية للبنك المركزي الأوروبي
مع أقل من 24 ساعة تفصلنا عن إعلان للبنك المركزي الأوروبي ECB لسياساته النقدية، سارت حركة تداولات اليورو أعلى هامشيًا في مقابل الدولار الأمريكي USD، وذلك بعد هبوطه إلى مستوى 1.25 ليلة أمس. وقد أثيرت موجة أخرى من الشائعات حول ما سيفعله أو لن يفعله البنك المركزي حتى بالرغم من حركة الارتفاع التي شهدها الزوج اليورو/دولار أمريكي EURUSD. ويتركز الحديث الآن حول حجم خيبة الأمل التي ستسببها إجراءات البنك المركزي. وكان السبب الوحيد للارتفاع في زوج اليورو/دولار أمريكي EURUSD هو تغطية المراكز المكشوفة، والتي جاءت مقتصدة على ضوء مستوى مخاطر الأحداث يوم الخميس. وكانت التوترات الأخيرة في أسبانيا وتشمل التوترات بخصوص حزمة الإنقاذ لإقليم كاتالونيا ومصرف بانكيا قد وضعت المركزي الأوروبي مرة أخرى في وضعية الدفاع لاتخاذ إجراءات سريعة وقوية للحيلولة دون ارتفاع تكاليف الإقراض ومنع الخراب الذي يمكن أن تلحقه أزمة الديون السيادية في أوروبا بالأسواق المالية. وكان الزوج اليورو/دولار أمريكي EURUSD وعوائد السندات والأسهم قد استقرت على مدار الشهر الماضي نظرًا لتوقع المستثمرين قيام المركزي الأوروبي باتخاذ إجراءات إضافية لخفض تكاليف الإقراض في أوروبا. وعندما عقد المركزي الأوروبي اجتماعه الأخير في أغسطس، تعهد رئيسه «دراجي» بـ “ببذل ما يتطلبه الأمر مهما يكن” للمحافظة على تماسك منطقة اليورو وقال “صدقوني، سيكون (إجراء البنك) كافيًا”. كما أضاف أيضًا “لا منطق في التزاحم على بيع اليورو” ، وقد استمع المستثمرون لنصحيته مع ارتفاع اليورو/دولار أمريكي EURUSD من 1.2250 إلى 1.26 الشهر الأخير. ومع ذلك، فإن قدرة اليورو على التمسك بمكاسبه تعتمد على قدرة البنك على إنجاز تعهداته. وقد ارتفع مستوى التوقعات المأمولة إزاء تعليقات «دراجي» غدًا ولن يكون خفض أسعار الفائدة كافيًا لإرضاء السوق. فإذا عجز البنك على وضع خطة قوية لشراء سندات الحكومات الأوروبية المتعثرة، فقد يتدهور حال الزوج اليورو/دولار أمريكي EURUSD سريعًا.
وثمة 6 أسئلة يبحث المستثمرون لها عن إجابة من المركزي الأوروبي يوم الخميس، وعلى أساس طريقة تعامل البنك مع القضايا التي تثيرها هذه الأسئلة ستتحدد حركة تداولات اليورو/دولار أمريكي EURUSD.
1- هل سيقوم المركزي الأوروبي بخفض أسعار الفائدة؟
2- بأي آجال استحقاق سيقوم المركزي الأوروبي بالشراء بموجب برنامجه الجديد لشراء السندات؟
3- هل سيستهدف حجم معين من مشتريات السندات؟
4- هل سيكون هناك سقف على العوائد؟
5- هل سيتم إبطال مشتريات السندات؟
6- هل سينتظر المركزي الأوروبي حكم المحكمة الدستورية الألمانية قبل بلورة خطته؟
أفضل سيناريو لليورو
إن أفضل سيناريو متوقع لليورو هو خفض أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس وهو هدف اليورو الواضح من اجل عدم إبطال برنامج مشتريات الأصول ومن اجل وضع سقف للعوائد. ورغم أن خفض أسعار الفائدة يعود في العادة بآثار سلبية على العملات، إلا أنه في حالتنا تلك سيصحبه برنامج لمشتريات السندات بما يدفع المستثمرين لشراء اليورو متفائلين بأن جهود المركزي الأوروبي ستسهم في النهاية في ضبط تكاليف التمويل في المنطقة.
أسوأ سيناريو لليورو
سيكون أسوأ سيناريو لليورو هو عدم خفض أسعار الفائدة وعدم استكمال المقترح الخاص بشراء السندات قصيرة الأجل. فإذا ما ترك البنك المجال مفتوحًا على مصراعيه للتأويلات، وعلّق قراره على موافقة المحكمة الألمانية على آلية الاستقرار الأوروبية ESM وألمح إلى عزمه إبطال مشتريات السندات، فقد يعبر المستثمرون عن إحباطهم في هذه الحالة بالإسراف في بيع اليورو. إن إبطال مشتريات السندات سيعود بآُثار سلبية على اليورو لأنه سيبطل الأثر التي كان من الممكن للمشتريات أن تحدثه على المعروض النقدي ومن ثم يقوض فعاليتها بالنسبة للاقتصاد.
توقعاتنا بشأن المركزي الأوروبي
رغم أننا نأمل في حدوث الأفضل، إلا أن علينا الاستعداد لحدوث الأسوأ لأن البنوك المركزية نادرًا ما تكون صريحة بالشكل الذي يأمله المستثمرون، فضلاً عن أن المركزي الأوروبي على وجه الخصوص لا يرغب في أن يربط نفسه بتعهدات قبل أن يعرف حجم الدعم التي ستحتاجه الدول الأعضاء.
1- هل سيقوم المركزي الأوروبي بخفض أسعار الفائدة؟
كشف المسح الذي أجرته مؤسسة “بلومبرج” أن نحو 30 فقط من نحو 58 اقتصاديًا شملهم المسح يتوقعون قيام المركزي الأوروبي بخفض أسعار الفائدة بنحو 25 نقطة وصولاً إلى 0.5%. وهذه الاحتمالات التي تكاد تكون متساوية تجعل توقع قرار خفض أسعار الفائدة خاضعًا للحظ، ولكن لتلافي التسبب في حالة من الإحباط نتيجة غياب التفاصيل حول برنامج مشتريات السندات، فإننا نتوقع أن يمضي البنكي البنك بتخفيض أسعار الفائدة.
2- بأي آجال استحقاق سيقوم المركزي الأوروبي بالشراء بموجب برنامجه الجديد لشراء السندات؟
أوضح رئيس المركزي الأوروبي أن مشتريات البنك ستتركز على الأجل القصير من منحنى عوائد السندات وبآجال استحقاق تصل إلى 3 أعوام. ولا نتوقع أي مفاجآت جديدة في هذا الخصوص، ولكن خفض آجال الاستحقاق لأقل من 3 أعوام سيعود بالضرر على اليورو.
3- هل سيستهدف حجم معين من مشتريات السندات؟
لسوء الحظ لا نتوقع إعلان المركزي الأوروبي عن حجم ثابت من مشتريات الأصول. فرغم أن إعلان كهذا ستكون له آثاره الإيجابية على اليورو لأنه سيمنح المستثمرين إحساسًا بالهدف، إلا أنه من الخطر على البنك المركزي التعهد بحجم معين لعديد من الأسباب، والتي يأتي في مقدمتها أن هذا التعهد سيحد من مرونة البنك في ضبط البرنامج حسب الضرورة، وسيؤدي لمجموعة جديدة تمامًا من التوقعات في السوق ستقاس على أساسها السياسات النقدية المستقبلية. وليس ثمة فائدة ترجى من الالتزام بحجم معين من المشتريات اللهم إلا إذا كان كبيرًا بحيث يمكن أن يتسبب بصدمة للسوق، بيد أن هذا أمر مستعبد لأنه سيثير معارضات سياسية. أما ما نتوقعه فهو إعلان البنك عن برنامج مرن ومفتوح النهاية لمشتريات السندات.
4- هل سيكون هناك سقف على العوائد؟
على الرغم من أن وضع سقف على العوائد سيرسل رسالة قوية إلى السوق، إلا أننا نرى أن البنك لن يقدم على هذه الخطوة بسبب الشكاوى من تخطي هذه الخطوة لتفويض البنك واختصاصاته.
5- هل سيتم إبطال مشتريات السندات؟
حسب تقرير صادر من بلومبرج، من المتوقع أن تكون مشتريات السندات غير محدودة ومعقمة، وهو ما يعني أنها لن تملك القوة الكاملة المطلوبة لصد الأزمة، ولكن التقرير يتضمن أيضًا نقطة مشجعة وهي أن البنك سيتخلى عن أولويته، وهو ما يعني أنه لن يضع نفسه على رأس قائمة المستفيدين من أي سداد.
6- هل سينتظر المركزي الأوروبي حكم المحكمة الدستورية الألمانية قبل بلورة خطته؟
يتعلق أحد أهم الأنباء التي ينتظرها السوق بما إذا كان «دراجي» سينتظر موافقة المحكمة الدستورية الألمانية على مشتريات السندات قبل بلورة خطته من عدمه. فإذا فعل ذلك، سيكون ذلك مؤشرًا على عدم تمتع البنك المركزي بالاستقلالية التامة لما يعنيه من أن تأثير المركزي الألماني وضغوطه يؤثران على قرارات المركزي الأوروبي.
هل نستعد لخيبة أمل؟
بينما ننتظر بشغف إعلانات المركزي الأوروبي، يجدر بنا أن نتذكر أن الهدف الأول للبنك المركزي هو حض المستثمرين على الشراء والاحتفاظ بأسهم وسندات البرتغال وأيرلندا وإيطاليا واليونان وأسبانيا. ولكي يتسنى له تحقيق هذه الغاية بنجاح على المدى الطويل، فإنه يتعين عليه التمتع بقدر كبير من المرونة حتى ولو جاء ذلك على حساب إصابة السوق بحالة من الاستياء على المدى القصير. ونحن نتوقع قيام المركزي الأوروبي بالإعلان عن إطار جديد لمشتريات السندات يشمل تمديد آجال استحقاق السندات المشتراة وذلك من خلال هدف كمي يتسم بأنه مرن ومفتوح النهاية. ولن يستطيع المركزي الأوروبي أن يرضي الجميع غدًا ولا شك أن اليورو أقرب للهبوط، وعلى ضوء التسريبات التي وصلتنا حتى حينه ثمة احتمال كبير بتعرض المستثمرين الوشيك لخيبة أمل جراء إعلان المركزي الأوروبي. علينا ألا ننسى كذلك أن حجم المشكلات القائمة في كل بلد يختلف عن الأخرى، وهو ما يجعل من الصعب الخروج بأي تفاصيل قبل ان تتقدم البلد رسميًا بطلب للمساعدة.