اليورو يرتد لأعلى مستوى له، ولكن المخاطر تظل قائمة
إن الاستفتاءات الشعبية الجارية في أيرلندا، وأرقام تقرير التوظيف الأمريكي بغير القطاع الزراعي (NFP’s) وأجواء الأسبوع الأخير من استطلاعات الرأي السابقة لانتخابات اليونان، جميعها يحملنا على الاعتقاد بأن الأيام المقبلة ستشهد بعض التقلبات. وكانت بعض التطورات قد ساهمت في رفع المعنويات منذ افتتاح آسيا هذا الصباح، ومنها (1) المؤشرات التي تفيد بتقدم (الحزب الديمقراطي الجديد) المؤيد لخطة الإنقاذ في اليونان في مواجهة حزب سيريزيا اليساري الراديكالي في استطلاعات ما قبل الانتخابات، و(2) الأخبار التي تفيد بتخطيط أسبانيا لإعادة رسملة بنوكها بديونها السيادية. وقد أدى هذا بتصاعد الآمال بـ (1) إمكانية بقاء اليونان ضمن منطقة اليورو في النهاية و (2) أن البنوك الأسبانية لن تنهار في الأجل القريب. وقد كان هذا كافيًا لدفع الدولار للسقوط بعد الارتفاعات التي شهدها الأسبوع الماضي وتعافي الأصول ذات المخاطر المرتفعة.
ضحالة وهشاشة التعافي حتى الآن
رغم ما سبق، يظل التعافي الاقتصادي الذي تحقق حتى حينه باهتًا وليس بالقوة المطلوبة، ذلك أن استخدام مدريد لديونها السيادية لإعادة رسملة بنوكها قد يؤدي بها لمواجهة ااتهامات من بينها (1) تسييل ديونها و(2) الربط بشكل أكبر بين القطاعين السيادي والمصرفي وبما يؤدي لتآكلهما معًا في بيان ميزانية البنك المركزي الأوروبي. وحتى إذا وصل حزب الديمقراطية الجديدة إلى الحكم في اليونان، إلا أن هامشه هزيل حاليًا، وقد لمّح زعيم الحزب إلى أنه قد يضطر لإعادة التفاوض بشأن خطة الإنقاذ، وهو قد يؤدي لحالة من الذعر في الأسواق.
ورغم أن زوج العملة يورو/دولار أمريكي قد ارتد عن مستوى 1.25 بعد انخفاضه لفترة وجيزة لأدنى من هذا المستوى في أواخر الأسبوع الماضي، إلا أن هذا قد يبدو بمثابة تقليص في عمليات البيع بالنسبة لنا. ولكي يحدث ارتفاع أطول في أسعار الأصول عالية المخاطر كاليورو فإننا بحاجة لأن نشهد تغيرًا جذريًا في الأحداث الجارية في منطقة اليورو، وارتفاع حاد في في معدل النمو الصيني أو رقمًا يتجاوز 200.000 في كشوف الرواتب غير الزراعية الأمريكي يوم الجمعة. إن فرصة تحقق رقم قوي من تقرير التوظيف الأمريكي بغير القطاع الزراعي هو الأقرب إلى الحدوث، بيد أنه حتى مع هذه الاحتمالات يتوقع السوق أن يسجل هذا التقرير قراءة 150.000 فقط، بعد أن فاجأنا تراجع هذا الرقم الشهر الماضي.
الخروج اليوناني من منطقة اليورو ليس سهلاً
قامت وكالة “فيتش” للتصنيف الائتماني بتذكير الأسواق بالأثر المدمر الذي سيحدثه الخروج من منطقة اليورو في بيان لها أصدرته في وقت سابق. وقالت الوكالة أنه إذا ما غادرت إحدى الدول الأعضاء منطقة اليورو، فقد يتسبب هذا في موجة من التعثر في سداد الديون لدى الشركات مع فقدان العملة التي ترجع إليها على الفور لقيمتها. وهذا يشكل في حد ذاته سببًا قويًا يحض اليونان على البقاء في منطقة اليورو ويدفع الشعب اليوناني للتقليل من نبرة خطابه المناهض للتقشف في الأسابيع السابقة للانتخابات المقرر إجراؤها في 17 يونيو.
وقد تحدث رئيس الوزراء الأسباني (راجوي) اليوم منكرًا التقارير التي أفادت بأن حكومته قد تقدمت باستفسار للبنك المركزي الأوروبي حول خطط البنك بخصوص ضخ الديون السيادية في بانكيا (وهو ما يتكلف تقريبًا 19 مليار يورو). ولكن إذا سلمنا بصحة ذلك، ورغم قدرته على أن يفعل ذلك مع بانكيا، فماذا عن الحكومات الإقليمية للبنك؟ وكانت مقاطعة كاتالونيا قد طلبت أموالاً من الحكومة المركزية الأسبوع الماضي، وقال (راجوي) أن هذه الأقاليم تعاني من مشكلات في السيولة. فهل يمكن لأسبانيا أن تتجاوز البنك المركزي الأوروبي وتسعى لسبيل للخروج من الأزمة من خلال استخدام الديون السيادية لسداد قيمة الأصول المشكوك في تحصيل قيمتها في ظل عدم وجود ضمان بعدم تردي الأمور للأسوأ واستعادة الحكومة المركزية لأموالها مرة أخرى؟ قد يفسر هذا الخوف السبب في وصول عوائد السندات لأعلى مستوى لها منذ نوفمبر ليبلغ تقريبًا مستوى 6.45%. ويبدو أن الأمر لا يعدو مسألة وقت قبل أن تبلغ هذه لعوائد ارتفاعها السابق الذي بلغ 6.7% والذي حققته في 25 نوفمبر 2011.
تحركات السوق:
أشرنا يوم أمس أنه ربما يكون قد حان الوقت لليورو أن يلحق بالحركات الصعودية في سوق العملات. إن اليورو لم يبدأ ارتفاعه بعد، ولكن الارتفاع الكبير في العوائد الأسبانية جدير بالتأمل. وقد قادت سوق السلع سباق ارتفاع الأسعار في سوق العملات الأجنبية (الفوريكس) وأسواق الأسهم اليوم، وارتفع سعر خام برنت بمقدار دولار واحد تقريبًا للبرميل. ولم يبلغ زوج العملة يورو/دولار أمريكي EURUSD مستوى أعلى من 1.26، وكان يتذبذب في نطاق ضيق منذ هذا الصباح بين 1.2560 و 1.2620. وفي حالة الإغلاق فوق مستوى 1.2620 هذا المساء فقد يدل هذا على أن ثمة ارتفاعًا أكثر حدة على وشك أن يحدث.
إذن لماذا لم يملأ المستثمرون جيوبهم بالأصول عالية المخاطر التي بيعت الأشهر السابقة؟ هذا ما يحدث في المواقف العادية خاصة في حالات ذروة البيع الذي نشهدها في الوقت الراهن كعمليات البيع المكثف لليورو. ولكن ربما يكون قد فاتنا أننا لا نعيش أوضاعًا عادية، فإلى أن نتيقن من أن مسألة خروج اليونان من منطقة اليورو لم تعد مطروحة وأن أسبانيا صارت “في مأمن”، حينها قد يؤدي خرق مستوى 1.25 في زوج العملة يورو/دولار أمريكي EURUSD إلى الانخفاض الى مستوى 1.20 في الأجل المتوسط.