تحليل لحركة اسعار الذهب اليوم والعوامل المؤثرة عليها
ارتفعت اسعار الذهب إلى 11.40 دولار أي بنسبة 0.71% أمس في نيويورك، وأغلق عند مستوى 1,611.60 دولار للأوقية. وقد بدأت اسعار الذهب التداول في اتجاهات عرضية ثم ارتفع بعدها في مستهل التداولات الأوروبية. وجاءت تداولات الفضة عند سعر 28.90 دولار للأوقية.
ويُظهر الرسم البياني لاسعار الذهب فترة كبيرة من التماسك على مستوى كافة العملات منذ الارتفاعات القياسية المسجلة في أغسطس الماضي. ومثل هذه الفترات من التماسك قد تعقبها تحركات حادة إلى الاتجاه الصعودي، وهو ما يرجحه تحليل البيانات الاقتصادية اليوم.
وقد ارتفعت اسعار الذهب مرة أخرى اليوم مع تسجيل عوائد السندات الأسبانية لأجل 10 سنوات لأعلى مستوى مسجل على مستوى منطقة اليورو ليقترب من نسبة 7%، وهو ما حدا بالمستثمرين للتشكيك في دخول مدريد لسوق السندات.
ورغم أن اسعار الذهب لم ترتفع على النحو المتوقع وبدت متماسكة قرب مستوى 1,600 دولار للأوقية (أو 1,300 يورو للأوقية و 1,000 جنيه إسترليني للأوقية)، إلا أن ثمة زيادة مؤكدة قد حدثت في الطلب خلال الأيام الأخيرة، خاصة هذا الأسبوع وهذا الصباح، وذلك نتيجة لتسبب الأزمة في مرة أخرى في زيادة الطلب على الملاذ الآمن – خاصة من المشترين من أوروبا.
وثمة إدراك بدأ يتسلل إلى النفوس بأن هذه الأزمة سرعان ما ستتصاعد وأن المجال مفتوح لحدوث عدوى مالية مع ما سيعقب ذلك من مخاطر على الإيداعات المصرفية (والتي تتولى ضمانها في الغالب الدول المفلسة) وأنظمة السداد. وفي حقيقة الأمر، فإن النظام المالي المعاصر بأكمله بات معرضًا للمخاطر.
وثمة مخاطر صامتة بدأت تزحف على البنوك في أسبانيا واليونان وإيطاليا. وقد أجاز بنك إيطاليا تعليق المدفوعات من قبل بنك (BNI) وبدون إصدار المزيد من الأخبار للمودعين. وقد قام بنك BNI، وهو بنك إيطالي كبير، بتعليق عملياته ولم يتمكن عملاء البنك من تحرير الشيكات أو سداد الفواتير أو دفع أقسام الرهن العقاري أو استخدام ماكينات الصراف الآلي ATM أو استخدام بطاقات الائتمان أو الخصم.
ويقوم الاتحاد الأوروبي في الوقت الراهن بإعداد ترتيباته لاحتواء آثار الذعر الذي سيتفشى في حالة خروج اليونان من منطقة اليورو. ومن بين التدابير التي يفكر الاتحاد في اتخاذها فرض حد أقصى على مبالغ الأموال التي يمكن سحبها من نقاط الدفع النقدي أو ماكينات الصراف الآلي، وفرض رقابة مشددة على الحدود وطرح ضوابط على العملة لمكافحة هروب رؤوس الأموال من البلاد.
وإلى جانب تشديد القيود على عمليات السحب النقدي وفرض ضوابط على رأس المال، ناقش الاتحاد تعليق اتفاقية شينجن، والتي تسمح بالسفر بدون تأشيرات بين 26 دولة، منها معظم بلدان الاتحاد الأوروبي، ولكنها لا تشمل بريطانيا وأيرلندا.
ويبحث مسئولو الاتحاد عما إذا كانت تتوافر الأرضية القانونية اللازمة لاتخاذ هذه التدابير المشددة.
ورغم أن بوسع مسئولي الاتحاد ترقيع المسائل نسبيًا وتأخير الاضطرار لاتخاذ هذه التدابير المشددة، إلا أنها قرار اتخاذها يبدو حتميًا على المدى الطويل. خاصة وانه من المحتمل أن تعاني اليابان والولايات المتحدة من أزمات دين خاصة بها خلال الأشهر المقبلة.
ثمة مخاطر سبق وأن حذرنا منها طويلاً ولا نشعر بالظفر إزاء رؤيتها وهي تحدث فعليًا أمام أعيننا.
ومع ذلك، فإن يملكون سبائك في حوزتهم ويحتفظون بها في أماكن آمنة على المستوى الدولي يتمتعون بنوع من الطمأنينة والقدرة على التصرف حيال التهديدات الحقيقية الوشيكة.
ولهذه المخاطر الحقيقية تداعيات هائلة علينا جميعًا وستتمخض عن آثار سيمر وقت طويل قبل أن يقدر لنا تأملها واستيعاب مغزاها بالكامل.
إن التساؤلات التي كان يُستهزأ بسذاجتها يومًا حول ما إذا كان الذهب سيكون ملاذًا آمنًا أم لا أو هل سيكون فقاعة أم لا ستظهر جديتها قريبًا جدًا. وسيتوجب على من سبق وأن صدعوا أدمغتنا بأن الذهب هو من “مخلفات الجاهلية” أو أنه ليس أكثر من فقاعة جوفاء وليس ملاذًا آمنًا أن يقدموا أسبابهم المنطقية التي تدعوهم لهذا القول. وينضم إليهم في ذلك أيضًا من قالوا بأن الأخبار الجوفاء هي حصن أفضل من الذهب ضد التضخم.
لابد وأن هؤلاء جميعهم سينتفضون ليبرروا موقفهم بأنه “لم يتوقع أحد حدوث هذا” في الوقت الذي حذر فيه الكثيرون منها مرارًا وتكرارًا ولسنوات طويلة من هذه الأخطار تحديدًا.
إن الأسواق تترقب بخوف نتائج الانتخابات اليونانية المقرر إجراؤها خلال أيام الإجازة الأسبوعية والاجتماع السياسي للاحتياطي الفيدرالي الأسبوع المقبل.