بيرنانكي يعيد إشعال حروب العملة
سوف يكون لتحرك بيرنانكي القوي بشأن السياسة النقدية تداعيات عالمية مهمة، سواء جاء ذلك بقصد منه أو لا، حيث سيتعرض كل من البنك المركزي الأوروبي ECB والمركزي الياباني والبنك المركزي الصيني لضغوط أكبر للرد بسياسات أكثر قوة مع عدم قدرة اقتصادياتهم على التهاون مع الانكماش الذي تصدره الولايات المتحدة للدول الأخرى، خاصة مع ارتفاع أسعار النفط. ومع إعادة اشتعال حروب العملة، سوف تكون هناك إجراءات للانتقام ضد ضعف الدولار. ورغم حالة الانتشاء المؤقتة، لن يؤدي تراكم التوترات الاقتصادية والسياسية إلى دعم الرغبة في المخاطر. ومن المرجح بطبيعة الحال أن يشهد الفرنك السويسري تجدد الضغوط الصعودية مع اشتداد التدفقات الرأسمالية الدفاعية.
ويشعر الباحثون في مجال الديمقراطية الأمريكية بقلق بالغ من أن الاحتياطي الفيدرالي قد بدا وقد أعاد تأويل تفويضه المزدوج قبل الانتخابات الرئاسية بأقل من شهرين، ولكن النقاش الأساسي الآن يتناول التحرك الداخلي في مقابل ردة الفعل الدولية. وسوف تنشأ يقينًا تبعات دولية سلبية مهمة بالنسبة لمنطقة اليورو وآسيا نتيجة لتحرك الاحتياطي الفيدرالي. وآخر ما ترغب فيه منطقة اليورو هو إعادة تقييم لعملتها على نحو ينجم عنه المزيد من التراجع في التنافسية في ظل حالة الركود القائمة. وسوف تُسهم زيادة قوة الاقتصاد الأمريكي بالطبع في دعم النظرة المستقبلية للتجارة العالمية، ولكن هذا سوف يستغرق وقتًا حتى يؤتي ثماره، كما أن القطاع الصناعي في منطقة اليورو قد تلقى صفعة أخرى على وجهه.
وفي الأسبوع الماضي، ارتفعت البطالة في اليونان إلى مستوى 24.4% عن شهر يونيو حيث تعاني كلاً من اليونان وأسبانيا من موقف لا يحسد عليه مع ارتفاع البطالة بين الشباب لأعلى من 50%، وهو موقف له انعكاساته السياسية الخطيرة. وتشعر الحكومة اليونانية بانعدام الحول والقوة في اتخاذ أي إجراء مستقل مع دفع مجموعة الترويكا لها لانتهاج المزيد من التقشف. وتشير الدلائل التي ساقتها إلينا الأيام القليلة الماضية إلى إمكانية منح اليونان المزيد من الوقت لتلبية التزاماتها التقشفية، بيد أن هذا يؤكد المشكلة في أن اليونان لم تعد تملك حق تقرير مصيرها. وفي ظل فراغ ديمقراطي، سوف يؤدي الكساد في النهاية إلى احتجاجات سياسية دافعة لعدم الاستقرار.
وينتاب الحكومتين الأسبانية والإيطالية قلق عميق على التداعيات السياسية لقبول حزمة الإنقاذ، خاصة وأن الحكومة التكنوقراطية في إيطاليا لا تحمل تفويضًا انتخابيًا بذلك. ويعد قرار منح اليونان المزيد من الوقت مؤشرًا مهمًا على أن الضغوط التي تتعرض لها منطقة اليورو قد ازدادت بالفعل مع ما يعنيه ذلك من تحول مرتقب في السياسات. ومن ثم فإن المركزي الأوروبي سوف يتعرض لضغوط شديدة لاتخاذ إجراءات نقدية أكثر عنفًا حتم برغم ما سيؤدي إليه ذلك من زيادة السخط في ألمانيا وزيادة حالة الاستياء المتأججة في المركزي الألماني.
وستكون أهم البيانات الاقتصادية القادمة من منطقة اليورو قراءات مؤشر مديري المشتريات يوم الخميس. وكان المركزي الأوروبي قد نجح في تحقيق الاستقرار في معدلات الثقة، ولكن ستنشأ مخاوف إضافية كبرى إزاء الاقتصاد على ضوء ما تعانيه منطقة اليورو من كساد للربع الثالث. ورغم أن عوائد السندات الأقل سوف تؤدي لتسهيل أوضاع التمويل داخل اقتصاديات دول أطراف اليورو، إلا أنه ليس هناك أمل في الهروب من دوامة الكساد والتقشف إلا بالعودة إلى النمو.
وفي هذا السياق، سوف تتم متابعة تقرير مؤشر مديري المشتريات عن كثب مع توقع الأسواق بصفة عامة لحدوث تحسن ضئيل مقارنة بقراءات أغسطس. وسيكون من العوامل المهمة في هذا الموضوع هو توقيت الاستجابات المسحية وأغلبها سيكون قد تم استلامه بعد اجتماع المركزي الأوروبي في سبتمبر والذي من المقرر أن يكون له أثر إيجابي على قراءات مؤشر مديري المشتريات. وعلى ضوء الأوضاع الأكثر يسرًا، فإن أي مزيد من التدهور سيكون بمثابة نكسة لاقتصاد منطقة اليورو. وأي ارتياح إزاء لمحات التحسن الضئيلة لن تتحقق له الاستمرارية. كما ستتم متابعة مزادات السندات الأسبانية عن كثب يوم الخميس لمعرفة نسبة الهبوط الحاد في السندات الذي تعزى لزيادة الطلب ونسبة الهبوط التي تعزى لتغطية المراكز المكشوفة.
وسوف تتم متابعة البيانات الأمريكية عن كثب، رغم أنه سيقلل أثرها المحتمل جولة التيسير الكمي التي طرحها الاحتياطي الفيدرالي الأسبوع الماضي. ومن المقرر أن يصدر أحدث بيانات تصاريح البدء في منازل المنازل الأمريكي وبيانات مبيعات المنازل يوم الأربعاء. كما ستصدر أحد بيانات معدلات الشكاوى من البطالة ومؤشر الاحتياطي الفيدرالي في فيلادلفيا يوم الخميس، وسيكون كلاهما مهمين في تقييم حجم الزخم في الاقتصاد. فإذا ما أشارت هذه البيانات إلى غرق الاقتصاد في حالة من الركود، فإن الاحتياطي الفيدرالي سيكون أكثر عنفًا في برنامجه للتيسير الكمي على ضوء أنه حصر نفسه في في الزاوية بإصراره على تلبية أهداف التوظيف.
وعلى ضوء أهمية الاقتصاد الصيني والمخاوف حول مخاطرة حدوث تباطؤ حاد للغاية، سوف تتم متابعة تقرير مؤشر مديري المشتريات عن HSBC عن كثب يوم الخميس. ومع قلق الأسواق بصفة عامة حول جودة البيانات الصينية الرسمية، سوف يكتسي مؤشر Markit أهمية إضافية وأي قراءة له عند أقل من مستوى 45 ستكون ردة الفعل إزاءها شديدة السوء.
وسوف تتم متابعة أحدث بيانات التضخم البريطانية عن كثب يوم الثلاثاء، خاصة بعد قراءته التي فاقت التوقعات لشهر أغسطس. وكانت نسبة التضخم قد هبطت بشكل حاد من ذروتها عند أعلى من مستوى 5.0% إلى أقل من مستوى 2.5%، ولكن النسبة تحركت لأعلى مرة أخرى في أغسطس. وثمة مخاوف من أن تكون لمصاريف التعليم أثر مهم لشهر سبتمبر وعودة تكاليف الوقود لأعلى مستوياتها المسجلة. وثمة مخاطرة في غاية الأهمية من أن يعاين التضخم أقل قراءاته عند مستوى أعلى مع زيادة تجذر التضخم الهيكلي.
وإجمالاً، سيكون هناك القليل من الشك أنه سيتعين على بنك انجلترا إعطاء الضعف الاقتصادي أولوية أكبر، ولكن التداعيات السلبية لمزيد من مشتريات السندات على الإسترليني ستكون أعلى إذا لم تتم السيطرة على التضخم. وسوف تتم متابعة محاضر السياسة النقدية للمركزي البريطاني عن كثب يوم الأربعاء مع متابعة توازن القوى داخل لجنة السياسات النقدية في أعقاب انتهاء فترة ولاية (بوسن)، والذي يحل محله السيد (ماكافيرتي) في فريق السياسات المؤلف من تسعة أعضاء. وستكون آخر بيانات مبيعات التجزئة شديدة الأهمية يوم الخميس مع ارتفاع مخاطر صدور قراءة منحرفة أخرى على ضوء آثار الألعاب الأوليمبية.