ارتفاع الين يتصدر قائمة اهتمامات البنك الياباني وترقب عام للاقتصاد الامريكي والاوروبي
بدأت الأسواق الرأسمالية في الانكماش بأكثر من المعدلات الطبيعية. وهذا يؤكد أن أن موسم العطلات قد جاء مع تجاوب كبير معه من المتداولين. ففي ظل ما صرح به الاحتياطي الفيدرالي والمركزي الأوروبي حتى الآن، لم تعد أكثرية المتاجرين ترغب في فعل شيء ذا بال، حيث يفضل الكثيرون السير مع الأحداث والانتظار لحين انعقاد لجنة السوق المفتوحة الفيدرالية FOMC وحكم المحكمة الألمانية خلال الأشهر المقبلة لكي يتسنى لهم التبصر بأفضل اتجاه ممكن. وتحمل البنوك المركزية كافة الأوراق في يدها، والأوضاع مؤهلة لصالحها. وفي الوقت الحالي، فإن الخطب النارية وليس الفعل هي سلاح الجميع. وكانت البيانات المنتظرة مساء أمس القادمة من الصين قد وضعت البنك المركزي الصيني على قاطرة التسيير النقدي. وصارت الأماكن محدودة والقاطرة ترغب في المغادرة. وعلى السوق إما أن يحصل على قطار أكبر حجمًا أو يضطر أحدهم للنزول من “رحلة التيسير المحتملة”.
وقد أبقت البيانات الأسترالية الآسيوية الأسواق في حالة من الترقب على مدار الليلة الماضية. فهل ستكون عملية الهبوط صعبة أم ناعمة؟ هل تملك الصين المقدرة على إدهاش الكثيرين؟ مرة أخرى لا يمكن الحصول على إجابات دقيقة، فالأجواء مبهمة وغامضة. وتذكر أننا نحن المستثمرون “لا نستطيع تحمل الحقيقة” لذا فإننا ننتظر ونلعق ما تعطينا إياه الصين، وفي الليلة الماضية جاءت بيانات نموها لتصيبنا بالإحباط، فيما تراجع التضخم ليفسح مجالاً أكبر للبنك المركزي الصيني لخفض أسعار الفائدة. وعليه، صار لدينا بنكًا مركزيًا آخر يعتلي قاطرة التسير النقدي الساكنة إلى الآن. وقد بلغ معدل نمو الإنتاج الصناعي +9.2% على أساس سنوي، ليخف بشكل كبير من +9.5% في يونيو وأقل بكثير من مستوى الإجماع (+9.7%). ومعلوم أن المعدل الصاروخي للنمو لا يمكنه الاستمرار وأنه “حتى مع هذه الترنحات” لا تزال هناك تقديرات بأن يبلغ الناتج المحلي الإجمالي الصيني مستوى +8% هذا العام. وأي تيسير إضافي لن يسهم إلا في في تحقيق دفعة أخرى. ومع تراجع التضخم إلى +1.8% على أساس سنوي مقابل 2.2% في يونيو، مقترنًا بكون أسعار الغذاء المحلي قد بدأت تعتدل مع تراجع الطلب، فإن هذا سيفسح مجالاً أكبر للمركزي الصيني بخفض أسعار الفائدة.
وفي اليابان، صوّت مجلس البنك الياباني بالإجماع على المحافظة على المستهدف الخاص بسعر الفائدة اليومية، وإبقاء إجمالي التيسير الكمي بلا تغيير. ومع ذلك، لم يخفض صناع السياسات – وبشكل يبعث على الدهشة – من تقييمهم للبيئة الاقتصادية. حيث نوه بنك انجلترا بصفة خاصة إلى أن “الارتفاع في الصادرات اعتدل، والقراءة الحالية للإنتاج جاءت ضعيفة نسبيًا”. وكانت آخر بيانات خاصة بالإنتاج الصناعي من وزارة الاقتصاد والتجارة والصناعة اليابانية METI قد أظهرت هبوطًا على أساس ربع سنوي بنسبة -2.2% خلال الربع الثاني، وهو أول هبوط ربع سنوي منذ أربعة أرباع سنوية. والآن وقد أصبحت كبرى البنوك المركزي لمجموعة العشرة تتبنى سياسات التيسير (عدا محافظ بنك انجلترا «كارني» الذي سيكون عليه تغيير لهجته قريبًا) وتوسيع بيان الميزانية. من المتوقع للين الياباني JPY، وهي العملة المفضلة التي يلجأ إليها لتلافي المخاطر، أن يظل مدعومًا في مواجهة العملة الموحدة المضطربة. ويظل بنك اليابان في موقف صعب، فالتيسير الكمي ليس على رأس قائمة تغييراته، بينما يحتلها فرط قيمة العملة اليابانية، وسيتمثل المأزق الذي يواجه البنك في التبرير الدولي للتدخل لصالح العملة عند المستويات الحالية. وهكذا نرى أن لكل البنوك المركزي عراقيلها الدولية!
ويبدو أن أستراليا حصينة من الأنباء السيئة، والمكان الوحيد الذي يبدو أداءها فيه ضعيفًا هو الألعاب الأوليمبية. فمساء أمس أضاف الاقتصاد الأسترالي 14 ألف وظيفة الشهر الأخير، وهو رقم فاق التوقعات بدرجة طفيفة. وقد ظل معدل البطالة ثابتًا عند +5.23% مقارنة بمستوى +5.25% بعد التعديل في الشهر الأخير، وبعيدًا للغاية عن المستويات التي يمكن أن تسبب القلق لصناع السياسات في بنك الاحتياطي الأسترالي (RBA). وكانت السقطة هنا في مزيج المكاسب في الوظائف المتفرغة وغير المتفرغة. فقد جاءت الأنباء محبطة حيث لم تشهد سوى ارتفاع بمقدار 9 آلاف في الوظائف المتفرغة تلاها هبوط بمقدار -35 ألف في الشهر السابق. وهذه البيانات من شأنها أن تنحي الاحتياطي الاسترالي جانبًا في الربع الثالث، والوقت الوحيد الذي ينبغي أن يظهر فيه عندما تبدأ عملتهم أحادية الاتجاه المحبة للعالم في أن تمثل مشكلة.