الوضع الاقتصادي لدول الأسواق الناشئة ومقارنتها بالاسواق المتقدمة
ظلت الاسواق الناشئة هي الشاغل الاساسي لدى تجار العملات الاسبوع الماضي. واسرع المستثمرون يدفعون بأموالهم من الاقتصاديات النامية متجهين الى الدولار الامريكي والأسواق المتقدمة. لم يكن خروج التدفقات المالية على هذا النحو وما آل إليه من ارتفاع في معدلات التذبذب امرًا متوقعًا. وقد بدأت هذه العملية منذ ستة أشهر عندما بدأ الحديث عن أول تقليص لمشتريات الاصول من البنك الفيدرالي، وكان شهر ديسمبر هو البداية الفعلية لطريق تقليص مشتريات الاصول القطعي الذي اتخذه البنك الفيدرالي. وبالتالي أدى تزايد احتمالات تطبيع السياسة النقدية الامريكية الى تسارع التأثيرات على اسواق السندات حيث ارتفعت عوائد سندات الاسواق المتقدمة وخرجت التدفقات المالية من الاسواق الناشئة.
وفي الاسابيع الأخيرة كنا قد شهدنا تعديلات في معدلات التذبذب والزخم. كان هذا بسبب حالة التوتر التي تزايدت بين المستثمرين بسبب التوترات السياسية المحلية في بعض الدول مثل تركيا والأرجنتين وأوكرانيا. وسوف تكون هذه العدوى محدودة فيما يتعلق بتباطؤ معدلات النمو الاقتصادية في الاسواق الناشئة. وقد اغلف مؤشر مديري المشتريات في الاسواق الناشئة العام الماضي عند المنطقة التوسعية بالكاد، بينما سجل مؤشر مديري المشتريات الصيني غير الرسمي لشهر يناير انخفاض إلى مستوى 49.5، مما يشير الى انكماش ضعيف مع بداية العام.
وكانت هناك عدة دول في الاسواق الناشئة قد عانت مع توسع في العجز في الحساب الجاري لديها وأبرزها البرازيل والهند واندونيسيا وتركيا وجنوب افريقيا. وفقدت العديد عملات هذه الدول خمس قيمتها تقريبا مقابل الدولار الامريكي منذ مايو الماضي. وزادت كثافة الآراء السلبية تجاه تركيا وجنوب أفريقيا، وقامت هاتين الدولتين بتضييق السياسة النقدية في اعقاب تحول اتجاه امريكا الى تقليص مشتريات الاصول. وانتقلت هذه العدوى الى بقية الدول في الاسواق الناشئة حيث تعرضت الاسواق الناشئة في اوروبا الى الضغط.
ول]قاف التدفقات المالية بعيدًا عن العملات والحد من ارتفاع التضخم، قررت ثلاث بنوك مركزية رفع اسعار الفائدة الاسبوع الماضي. فقد قررت كلا من الهند وجنوب وأفريقيا رفع سعر الفائدة بمقدار 25 نقطة اساس لتصل الى 50 نقطة اساس على التوالي. أما تركيا فقد رفعت اسعار الفائدة اكثر من الضعف لتصل الى 10% بسبب تزايد انعدام الاستقرار السياسي.
لم تثني الاضطرابات في الاسواق الناشئة البنك الفيدرالي عن قراره بتقليص مشتريات الاصول. وفي قراره الذي اتخذه في منتصف الاسبوع الماضي، قلل البنك الفيدرالي من معدل مشتريات الاصول الشهرية بمقدار 10 مليار دولار لتصل الى 65 مليار دولار شهريا. وبينما ادى هذا بشكل بسيط الى دعم العملات في الاسواق الناشئة، إلا ان الحركة المستقرة لها تعني أمرين. الاول ان اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة تعتقد ان هذا التذبذب لن يكون لها تأثير مادي على النظرة المستقبلية للاقتصاد العالمي. والثاني هو ان تقليص مشتريات الاصول يعتبر تصويت على الثقة غي قوة التعافي الاقتصادي الامريكي، الامر الذي سيدعم معدل النمو العالمية هذا العام.
وقد اتضحت النظرة العامة تجاه الاقتصاد الامريكي أكثر بعد الاعلان عن الناتج المحلي الاجمالي الامريكي للربع الرابع يوم الخميس الماضي والذي سجل مستوى 3.2%، على الرغم من ان هذا يقل عن المعدل المفترض بنسبة 0.1% بسبب الفترة التي اغلقت فيها الحكومة الامريكية. كما ارتفعت معدلات انفاق المستهلك ومعدلات ثقة رجال العمال بدون من ارتفاع المخزونات.
وكان هناك القليل من الشك بان معدلات النمو في الاسواق المتقدمة قد تسارعت في النصف الثاني من العام الماضي، حيث يبدو ان المنطقة الاوروبية قد أخرجت نفسها من عنق الزجاجة، ويظهر هذا من النتائج المشجعة للبيانات الاقتصادية خلال الربع الثالث من بريطانيا وبلجيكا واسبانيا.