الدولار يتعرض لضربة قاضية بسبب بيانات التوظيف بغير القطاع الزراعي
جاءت تقرير التوظيف الأمريكي بغير القطاع الزراعي ليثير مشاعر متباينة لدى مختلف الأطياف، أما المحصلة الرئيسية فكانت تباطؤ نمو الوظائف بشكل كبير في شهر أغسطس، وهو ما يعني أن التدخل بتيسير السياسة النقدية صار أمرًا حتميًا يتعين على الاحتياطي الفيدرالي إجراءه. وقد تعرض الدولار لبيع مكثف في أعقاب التقارير حيث أعاد المتاجرون حساباتهم بناء على احتمال طرح جولة ثالثة من التيسير الكمي. وكان تقارير التوظيف قد ارتفع بمقدار 96 ألفًا فقط في الشهر الأخير مقارنة بارتفاع قدره 141 في الشهر السابق. وقد توقع الاقتصاديون قبل ذلك أن يتباطأ النمو في الوظائف ولكن ليس إلى هذا القدر الذي شهدناه، خاصة على ضوء على ضوء البيانات الاقتصادية الأفضل من التوقعات. كما تم تصحيح قراءة نمو الوظائف إلى رقم أقل في يونيو ويوليو، بما يعكس ضعفًا إجماليًا في سوق العمل. وفيما كان التحسن في معدلات البطالة مشجعًا، إلا أن أغلبه جاء انعكاسًا للهبوط في معدلات المشاركة. ورغم التحسن الطفيف الذي طال بيانات التوظيف الخاصة بالقطاع الخاص ، إلا أن حدوث الخسائر في قطاع التصنيع للمرة الأولى خلال ما يقرب من عام هو أمر يعطي الاحتياطي الفيدرالي سببًا للقلق حول سوق العمل.
وسوف يصبح اتخاذ قرار بوضع سياسة نقدية جراء نتائج تقرير التوظيف الصادر اليوم أمرًا أكثر سهولة نظرًا لأن الارتفاع في يوليو تبيّن أنه لم يكن أكثر من التماعة سرعان ما خبت. وقد جاء النمو في الوظائف شديد الضعف وإذا كان مسئولو الاحتياطي الفيدرالي قد فكروا في طرح التيسير في مطلع أغسطس، فإن التقرير الأخير جاء ليزيد هذه الحاجة إلحاحًا. وصارت المسألة الآن تتعلق بطبيعة التيسير الذي سيختاره البنك. وأحد الخيارات في ذلك بالطبع تتمثل في طرح جولة ثالثة من التيسير الكمي، أما الخيار الآخر فهو تغيير لهجة الأمد الطويل في بيان لجنة السوق المفتوحة الفيدرالية FOMC ومحاولة ربطه إذا أمكن بأحد البيانات الاقتصادية. وقد ارتفعت بشكل مؤكد احتمالات طرح الجولة الثالثة للتيسير الكمي مع صدور تقرير اليوم، ونرى أن نسبة الاحتمال سترتفع إلى 75% في الأسبوع المقبل. والسبب الوحيد الذي قد يدفع الاحتياطي الفيدرالي للانتظار هو كسب المزيد من الوقت الإضافي من خلال تهيئة الأوضاع لطرح الجولة الثالثة هذا الشهر وإصدار الإعلان الرسمي له في أكتوبر. وفي كل الحالات، فقد باتت زيادة الحوافز في الطريق ولهذا السبب فقد تعرض الدولار للبيع المكثف.
وفي الشمال، تحسنت أوضاع سوق العمل الكندي بشكل رائع الشهر الماضي مع إضافة الاقتصاد 34.3 ألف وظيفة. ورغم أن التقرير يأتي مشجعًا للغاية، إلا أن علينا الإشارة إلى أن النمو جاء في الوظائف غير المتفرغة (ذات الدوام الجزئي) وليس في الوظائف المتفرغة (ذات الدوام الكامل). ومن المقرر أن يصدر مؤشر Ivey لمدراء المشتريات الكندي في تمام الساعة 10:00 صباحًا حسب توقيت الساحل الشرقي، كما يتوقع أن نشهد قراءات أبطأ للنشاط التصنيعي عن شهر أغسطس بعد ارتفاعها الحاد في يوليو.
وثمة إحساس عام بالتفاؤل بات يسود الأسواق المالية اليوم حيث يرى المستثمرون في برامج الحوافز الجديدة التي أعلنها المركزي الأوروبي والمركزي الصيني تغييرًا جذريًا للأوضاع بالنسبة للأسواق. ورغم أننا نظرنا بنوع من التشكك في إعلان المركزي الأوروبي، إلا أن الهبوط الحاد في عوائد السندات الأسبانية والإيطالية لأجل 10 أعوام يشير إلى أن البنك قد حقق هدفه (قصير المدى على الأقل) في إقناع المستثمرين بشراء سندات الدول المثقلة بالديون في منطقة اليورو. وقد واصلت الحكومة الصينية اهتمامها النشط بالحيلولة دون أن يتحول هبوطها الناعم إلى هبوط مدمر، حيث أعلنت ليلة أمس خططها لضخ 100 مليار دولار من الحوافز الجديدة في شرايين الاقتصاد من خلال مشروعات البنية التحتية وهي أحد أنجح الوسائل لإعادة إحياء النشاط الاقتصادي من عثرته. وقد كان لهذين الإعلانيين معًا أثر هائل على معدلات الرغبة في المخاطر، وإذا ما طرح الاحتياطي الفيدرالي جولته الثالثة للتيسير الكمي الأسبوع المقبل، فإن فيض الحوافز قد يدفع على الأرجح إلى تحول دائم في معدلات الثقة.