بعد أزمة أسبانيا، هل سيأتي الدور على إيطاليا؟
خلال الفترة التي استغرقتها الأزمة الراهنة، كان الاقتصاديون يشبهون دول أطراف أوروبا بمجموعة من قطع الدومينو – إذا سقط أحداها فسرعان ما ستتبعها القطع الأخرى. وفي مثل هذا الوقت من العام الماضي، لم تكن أسبانيا من بلدان “الأطراف” الأوروبية، لأنها في ذلك الوقت تملك رابع أكبر اقتصاد في كتلة العملة الموحدة. إلا أن الحال انقلب لسوء الحظ واجتاحت البلاد فقاعة عقارية سرعان ما انفجرت في 2008 لتؤدي مباشرة إلى حزمة الإنقاذ التي تم الإعلان عنها في العطلة الأسبوعية الأخيرة بقيمة 100 مليار يورو لإنقاذ قطاعها المصرفي المتعثر.
وقد اتجهت الأنظار حاليًا إلى قطعة الدومينو التالية. ومن سوء حظ سلطات الاتحاد الأوروبي، وبعيدًا عن تخفيف الضغوط على السندات الإيطالية، قد تؤدي أنباء حزمة الإنقاذ الأسبانية إلى التقليل من جاذبية الديون الإيطالية. ويدور الحديث الآن عن سببين قد يؤديان لعزوف المستثمرين عن شراء الديون الإيطالية، وأول هذه الأسباب هو أن أزمة الديون السيادية التي نجمت إما عن انهيارات عقارية (في أيرلندا وأسبانيا) أو عدم استدامة التمويل الحكومي (كما في حالة اليونان). وفي وسط هذه الأجواء، فإن النسبة بين الديون إلى الناتج المحلي الإجمالي في إيطاليا والتي بلغت 120% لن تجدي نفعًا لدى المستثمرين في السندات، ومن ثم من الصعب أن نشهد هبوطًا دائمًا في عوائد السندات الإيطالية في الوقت الذي تظل فيه مستويات الدين عند هذا المستوى المرتفع. أما السبب الثاني فهو أن حزمة إنقاذ أسبانيا قد فتحت باب المناقشة حول أوضاع حملة السندات في القطاع الخاص في حال تخلفت أسبانيا عن السداد في يوم من الأيام. فإذا حصلت أسبانيا على تمويل من آلية الاستقرار الأوروبية ESM، ستنتقل تبعية حملة السندات الخاصة إلى المؤسسات الأوروبية – وهو شيء محبط للمستثمرين. وليس من المستبعد أن يأتي الدور على إيطاليا لتحتاج هي الأخرى لحزمة إنقاذ في يوم من الأيام، لذا يتشكك المستثمرون في ظل هذا الفرضية في صواب اتخاذ أي خطوة لحيازة الديون الأسبانية، ومن هنا ارتفعت اليوم عوائد سنداتها لأجل 10 أعوام إلى أعلى من مستوى 6% ، وهو أعلى مستوى تبلغه العوائد منذ يناير الماضي. وهي أنباء تبعث على القلق خاصة وأن إيطاليا تخطط لعقد مزاد على ديونها يومي الأربعاء والخميس، وسيكون هذا المزاد اختبارًا لثقة المستثمرين في جهود رئيس وزراء إيطاليا (ماريو مونتي) الرامية لخفض مستويات الدين خلال الأعوام المقابلة.
ولكن ما يتساءل عنه المستثمرون هو مدى اقتراب قطعة الدومينو التالية من السقوط؟ قد لا تكون عوائد السندات الإيطالية قد دخلت مرحلة الخطر الآن، إلا أن هذا لا يمنع من وجود شواهد مقلقة أدت لتحول اهتمام المستثمرين إلى روما. وكان الفارق بين الديون الأسبانية والإيطالية قد بدأ يضيق، بعد أن ارتفعت عوائد السندات الإيطالية بمعدل أسرع من الديون الأسبانية. وهذا أمر يستدعي بالتأكيد مراقبة وثيقة خلال الأسابيع المقبلة لأن ارتفاع عوائد السندات الأسبانية قد يفضي لموجة أخرى من التذبذب في السوق ويجعل الأزمة تدخل منعطفًا أكثر خطورة.