السباق مع اليونان وأسبانيا
لا يزال بيع الأصول ذات المخاطر العالية مستمرًا في الوقت الراهن، وتظل أجواء التعاملات هشة. وقد تبقى أمام زعيم حزب (سيريزيا) اليساري الراديكالي في اليونان يومان لمحاولة تشكيل حكومة، ومن ثم من المتوقع أن تتواصل الخطب المناهضة للتقشف والمناهضة لخطط الإنقاذ من أثينا اليوم. ويبدو أن (تسيبارز) – وهو رئيس حزب (سيريزيا) – يرغب في إجراء انتخابات جديدة في مسعى منه للفوز بمنصب رئاسة الوزراء. وهذه الأخبار لا تسهم إلا في زيادة عدم اليقين حول بقاء اليونان ضمن نطاق منطقة اليورو، وهو ما أثار الخوف في تعاملات الأصول ذات المخاطر العالية أمس.
البنوك الأسبانية
لا تعتبر التوترات السياسية في اليونان هي المشكلة الوحيدة الذي يتعين على المستثمرين التعامل معها، فوفقًا لسوق السندات الأسبانية هناك خطر آخر هو اضطرار الحكومة لوضع خطة إنقاذ لقطاعها المصرفي، ومن هنا جاء الارتفاع الكبير في عوائد السندات هذا الصباح. حيث سجل العائد لأجل 10 سنوات اليوم ارتفاعًا بنحو 25 نقطة أساس حتى الآن، متجاوزًا نسبة الـ 6% مرة أخرى. وأمس لاحظنا كم كان الهدوء الذي ساد سوق السندات السيادية الأوروبية مقارنة بأسواق الأسهم وسوق العملات الأجنبية (سوق الفوركس). إذن هل تلعب سوق السندات الآن لعبة سباق مع الزمن؟ عادة ما تتحكم سوق السندات في توجيه غيرها من فئات الأصول الأخرى، وبالتالي فإذا تواصل الارتفاع في عوائد السندات الأسبانية بهذا المعدل، فقد يتسبب ذلك في اختراق اليورو/ دولار أمريكي EURUSD مستوى 1.30 للأسفل، ودفع الأسهم للانخفاض لأقل من مستويات الدعم الراهنة.
وتعتمد فرصة حدوث هذا على الكيفية التي تتجاوب بها الأسواق مع أخر الخطط المصرفية لأسبانيا، والمتوقع أن تصدر يوم الجمعة، والتي قد تشمل برنامج إعادة رسملة ‘محسّن’ تفوق قيمته مبلغ الـ 50 مليار يورو الذي أعلنته الحكومة الأسبانية العام الماضي، حيث اقترحت حينها بأن ترفع البنوك من احتياجاتها الرأسمالية الجديدة من خلال الأسواق الرأسمالية؛ بيد أنه مع التراجع الذي شهدته البورصة الأسبانية إلى أدنى المستويات التي شهدتها خلال 2009 أصبح من الصعب التنبؤ بمصدر الطلب على شريحة من القطاع المصرفي الأسباني. وهذا ما سيترك للحكومة أو لأي جهة في الاتحاد الأوروبي مهمة تكبد عملية السداد. إذا تدخلت الحكومة فهذا من شأنه أن يهدد استقرار الماليات الحكومية (والهشة في الأصل) وقد يدفع بأسبانيا للمطالبة بخطة إنقاذ. وعليه، قد تضع بلدان الاتحاد الأوروبي معًا خطة إنقاذ ما لـ ‘القطاع المصرفي’، وتخلق مستودعًا مصرفيًا سيئًا للأصول الأسبانية. وسوف نعرف المزيد من الأنباء يوم الجمعة.
شهر حاسم لمستقبل منطقة اليورو
في كل الحالات نعتقد أن الشهر القادم سيكون حاسمًا بالنسبة لمستقبل منطقة اليورو، وقد تخيم تداعيات انعدام اليقين الذي سيأتي به هذا الشهر على الأصول ذات المخاطر العالية واليورو. وخلال الأسابيع الأربعة القادمة، سوف نعرف من يمسك زمام الأمور في اليونان، سواء أفلس البلد أو اختار التمسك بشروط خطة الإنقاذ، وكيف ستخطط الحكومة الأسبانية لترتيب أوضاع قطاعها المصرفي. ثمة مستويات مرتفعة من المخاطر السوقية ترتبط بكافة هذه الأحداث، والتي نعتقد أنها ستؤثر بالسلب على اليورو. ورغم ذلك، ولأن تداول اليورو ضمن نطاق ضيق منذ مطلع هذا العام، فإننا لا نتوقع انهيارًا حادًا لزوج العملة الدولار الأمريكي/ اليورو – بل نعتقد أن الانخفاض سيأتي تدريجيًا. إذا حدث انخفاض لأدنى من 1.2950 في اليوم التالي فإن هذا سيكون مؤشرًا سلبيًا بالنسبة لهذا الزوج ويفتح المجال لانخفاض أكثر يصل إلى 1.2935 ثم إلى 1.2900. وعند أقل من 1.30 سيكون الدعم النهائي يقع عند 1.2670 أي عند أدنى المستويات التي سجلها يوم 16 يناير هذا العام. لذا، فإن اختراق مستوى 1.30 للأسفل بسبب انتخابات اليونان وفرنسا تمثل حدثًا مهمًا لنا وقد تكون لحظة فارقة بالنسبة لليورو/ دولار أمريكي EURUSD.
حركة سوق الفوركس
يتسم اليورو بالضعف مقابل الباوند البريطاني. وبالتالي نفضل ترجيح قوة الباوند مقبل اليورو عن قوته مقابل الدولار الأمريكي، حيث أن الدولار الأمريكي يمكنه الارتداد الصعودي بدعم من تدفقات أموال المستثمرين الذين يفضلون العملات الآمنة. ويتجه اليورو/ باوند EURGBP باتجاه مستوى 0.80 في الوقت الحالي، والذي من المحتمل أن يكون منطقة دعم أساسية. ونفضل بيع هذا الزوج عند مستويات القوة- فمن المحتمل أن يكون أي ارتداد صعودي باتجاه مستوى 0.8090 بمثابة نقطة بيع جيدة من وجهة نظرنا. ويوم غد سوف يعلن البنك المركزي البريطاني عن قراره بشأن سعر الفائدة، ولذي من غير المتوقع أن يكون بأي تغيير، وذلك على الرغم من سلبية الناتج المحلي الإجمالي البريطاني للربع الأول من العام، مما يعني انه يوجد بعض التوقعات في سوق الفوركس بأن يزيد البنك المركزي البريطاني من برنامج التحفيز الاقتصادي يوم غد. وإن قرر البنك المركزي البريطاني الإبقاء على برنامج التحفيز الاقتصادي بدون زيادة فقد يرتد الباوند البريطاني باتجاه مستوى المقاومة 1.6220 حيث أن هذا قد يتم اعتباره بمثابة حركة تؤيد السياسة النقدية المشددة من البنك المركزي البريطاني. وقد يدفع هذا اليورو/ باوند بريطاني EURGBP إلى ما دون مستوى 0.80.
كانت الحركة الكبرى التالية في سوق الفوركس هي حركة الدولار الاسترالي AUD، حيث انخفض الدولار الاسترالي/ الدولار الأمريكي AUDUSD بحدة منذ الإعلان عن الموازنة المالية الاسترالية يوم أمس، والتي فتحت نتيجتها الباب لمزيد من التخفيض في أسعار الفائدة من البنك المركزي الاسترالي. وكان مستوى 1.0050 جذّابًا لطلبات الشراء على هذا الزوج من الشركات هذا الصباح، وبالتالي فإن هذا المستوى يمثل منطقة دعم أساسية في الوقت الحالي. إلا أننا نتوقع أن تميل الحركة لأن تكون متكافئة على المدى القريب، خاصة وإن استمرت معدلات الرغبة في المخاطرة في التراجع.
السلع ومؤشر SPX
تعرضت السلع لضغوط سلبية في الأسابيع الأخيرة وعانت هذه الأصول بشكل فاق ما تعرض له مؤشر SPX. ينخفض مؤشر ثومسون/جيفيريز للسلع بنسبة 10% تقريبَا منذ مارس بالمقارنة مع انخفاض مؤشر SPX 500 بنسبة 4% خلال الفترة ذاتها.
وقد شهدت السلع تراجعات خلال الأيام الأخيرة، وقد ظهر ذلك جليًا في انخفاض أسعار الذهب إلى ما دون مستوى 1600 دولار للأوقية و انخفاض نفط تكساس الخفيف (WTI) إلى ما دون مستوى 100 دولار. ومن الجدير بالذكر أن السلع ومؤشر SPX يميلان إلى الحركة بشكل متقارب. وبالتالي فأن انخفاض السلع الحاد قد يتحقق بتتبعه لانخفاض الأسهم. وفي حالة اختراق مؤشر SPX 500 لمستوى 1350 للأسفل، فقد يفتح هذا الباب للوصول إلى مستوى الدعم الاساسي عند 1300 – والذي يمثل مستوى التصحيح 32% فيبوناتشي لحركة السعر الصعودية من سبتمبر 2011 إلى مارس 2012 والمتوسط المتحرك البسيط لمائتين يوم.