سيكون هذا الأسبوع بكل المقاييس أسبوعًا مهمًا بالنسبة للدولار الأمريكي، حيث من المقرر أن تصدر فيه تقارير مبيعات التجزئة والتضخم والتصنيع وثقة المستهلكين، ولن تخلو الأجندة من مخاطر. ومع ذلك، لا تتوقع أن تؤدي التقارير الاقتصادية لهذا الأسبوع إلى تغيرات جذرية في أسعار الدولار الأمريكي أو السياسة النقدية للولايات المتحدة. فمنذ الاجتماع الأخير لبنك الاحتياطي الفيدرالي في الأول من أغسطس، شهدنا تحركات طفيفة للغاية في الدولار الأمريكي USD. وفي يوم اجتماع البنك، أنهى زوج اليورو/دولار أمريكي EURUSD جلسة التداول الأمريكية عند سعر ليس ببعيد عما بدأه في أسبوع التداول الجديد عند مستوى 1.2228. وكانت أكبر الحركات التي شهدناها على مدار الأسبوعين الماضيين هي الحركة السعرية لكلاً من الدولار الكندي CAD والدولار الأسترالي AUD، حيث صعدا بنسبة 1% فقط مقابل الدولار الأمريكي. وكان غياب التذبذب في سوق العملات الأجنبية مرتبطًا بشكل وثيق بغياب الوضوح حول النظرة المستقبلية للاقتصادين الأوروبي والأمريكي والسياسات النقدية لكل من البنك المركزي الأوروبي ECB والاحتياطي الفيدرالي.
وعندما اجتمع الاحتياطي الفيدرالي في آخر مرة، أوضح بيرنانكي أن البنك المركزي ليس جاهزًا لاتخاذ أي قرارات مندفعة حيال السياسة النقدية. ولا يزال التيسير الكمي خيارًا مطروحًا، ولكن لن يتم اللجوء إليه إلا إذا واصل سوق العمل ضعفه وزاد تدهور أزمة الديون السيادية في أوروبا. ومع ذلك، فلم يحدث كلا الأمرين على مدار الأسبوعين الماضيين، بل كانت هناك في الواقع هناك مؤشرات على حدوث استقرار. وربما تكون نسبة البطالة قد ارتفعت بشكل طفيف إلى 8.3%، بيد أن العدد الإجمالي للوظائف تجاوز بسهولة رقم 100 ألف وظيفة. فقد وجد أكثر من 163 ألف أمريكي وظائف الشهر الماضي، وبشكل أطاح نزعة النمو التي كانت أقل من 100 ألف وظيفة والتي أقلقت الكثيرين بداية من صناع السياسات وحتى المستثمرين حول العالم. كما ظلت عوائد السندات الأسبانية عند أقل من مستوى 7% للأسبوع الثاني على التوالي، ولكنها بدأت تزحف ثانية نحو هذا المستوى المحوري.
وفي الوقت الذي جاءت فيه البيانات الأمريكية لهذا الأسبوع تنتمي لما نسميه التقارير الاقتصادية من الدرجة الأولى نظرًا لما لها من تأثير المباشر على السياسة النقدية للاحتياطي الفيدرالي، لا يشكل التضخم والتصنيع مشكلات رئيسية بالنسبة للبنك المركزي. وعلى أرجح الاحتمالات، سوف يظهر من خلال هذه التقارير ارتفاعًا ضئيلاً في الضغوط التضخمية، والتي كان السبب الأول فيها الارتفاع الأخير في أسعار الغذاء. وسيظل النشاط التصنيعي مستقرًا مع تغيرات طفيفة للغاية في ثقة المستهلكين أو سوق الإسكان. وتعد مبيعات التجزئة من أهم البيانات الأمريكية. وبعد ثلاث أشهر متتالية من تراجع الإنفاق، من المتوقع أن تصعد المبيعات بشكل طفيف ولكن مرة أخرى، من المتوقع أن يعزى جانب كبير من هذا الارتفاع إلى ارتفاع أسعار الغذاء. وقد سجل سعر الذرة ارتفاعًا قياسيًا، وفي الولايات المتحدة، يستخدم الذرة كمكون أساسي للكثير من الأغذية والمأكولات وكمدخل من مدخلات الغاز. فحسب سياسة الإيثانول الأمريكية، تلتزم شركات الوقود الأمريكية بخلط ما نسبته 9% من الإيثانول المشتق من الذرة في الجازولين، كما يستخدم في تغذية الأبقار والدواجن. ومن ثم فإن أي ارتفاع في إنفاق المستهلكين لن يحمل بالضرورة أنباءً طيبة بالنسبة للاقتصاد الأمريكي، خاصة إذا ما كان في صورة أسعار أعلى ولم يصاحبه بيع كميات أكبر من البضائع. وبغض النظر عن ذلك، من المتوقع أن تزيد مبيعات التجزئة بنسبة 0.3% فقط وهي زيادة اسمية مقارنة بالهبوط الذي واجهناه في الربع الثاني. وسيؤدي أي ارتداد صعودي في الإنفاق إلى تقليل الضغوط التي يتحملها الاحتياطي الفيدرالي لتيسير السياسة النقدية.
وحتى إذا هبط الإنفاق للشهر الرابع على التوالي، فإن ذلك لن يكون كافيًا لدفع الاحتياطي الفيدرالي إلى التحرك. ففي هذه الآونة، يركز البنك المركزي اهتمامه على التوظيف وأوروبا. ولكي تنطلق جولة ثالثة من التيسير الكمي، ينبغي أن يكون الموقف الأوروبي قد خرج عن السيطرة أو ارتفعت معدلات البطالة الأمريكية إلى أعلى من 9%. والخطر الأولى هو خطر أكثر واقعية عن الأخير، وهو ما تنتظره البنوك المركزية في أرجاء العالم، وهذا الانتظار والترقب سوف يقلص التذبذب في معظم العملات الكبرى برغم وفرة البيانات الأمريكية هذا الأسبوع. وتذكر أن أغسطس هو الشهر الذي تقضيه معظم أوروبا في الإجازات والعطلات، ومن شأن غياب أي أحداث كبرى على الأجندة الأوروبية أن يعني كذلك تراجع التذبذب بالنسبة للدولار الأمريكي.
وفي نهاية اليوم، نعتقد أن هذا الأسبوع المثقل بالبيانات لن يغير شيئًا بالنسبة للدولار الأمريكي أو سياسة الاحتياطي الفيدرالي، وسيستقر سعر الزوج اليورو/دولار أمريكي EURUSD في نطاق تداول بين 1.2450 و 1.20.