اخبار اقتصادية

توقعات بارتفاع مستوى التقلبات في السوق بعد الانتخابات الأمريكية

توقعات بارتفاع مستوى التقلبات في السوق بعد الانتخابات الأمريكية

توقفت الحياة في عدد من الدوائر السياسية الأمريكية والدولية الحيوية قبيل عقد الانتخابات الرئاسية والتشريعية الأمريكية. وبعد التصويت يوم الثلاثاء، سوف تنحل العقدة السياسية ويمكن للأسواق حينئذ أن تتوقع زيادة في مستوى التقلب مع ارتفاع معدلات الرغبة في المخاطرة لتعكس واقعًا أكثر اعتدالاً. والنتيجة الأكثر احتمالاً هي لهجة أكثر دفاعية ودولارًا أقوى، خاصة مع تهديد منطقة اليورو مرة أخرى بطرد اليونان منها. كما يتوقع أن تتهاوى حالة التهاون السوقية إزاء نطاقات الفوركس الضيقة، خاصة مع مخاوف من تعرض مستويات السيولة لمخاطر هائلة.

أما النتيجة التي من شأنها إحداث حالة من عدم الاستقرار في الأسواق الأمريكية فهي الفترة التي لن يكون معلومًا فيها نتيجة الانتخابات الرئاسية والتي قد تستمر لأيام أو أسابيع. ولعلنا نتذكر أحداث الدراما المشينة التي جرت في سنة 2000 عندما حكمت المحكمة العليا بعدم إعلان النتيجة حتى يوم الثالث عشر من ديسمبر. وعلى ضوء تساوي فرصة المرشحين حسب استطلاعات الرأي لسنة 2012، ثمة مخاوف من أن نشوء نزاعات على نتيجة التصويت في بعض الولايات والتي من المرجح أن تكون ولاية أوهايو هي الأكثر معاناة منها.  وسوف تعاني أسواق الأسهم على الأرجح من تأخير مطول بشكل شديد السوء، ورغم أن الثقة الأمريكية ستكون مجروحة، إلا أن التدهور في الرغبة في المخاطر سيدفع يقينًا بالطلب على الدولار. وتشير استطلاعات الرأي إلى نتائج متقاربة على مستوى البلاد مع امتلاك أوباما لنقطة تفوق مهمة لدى المجمع الانتخابي. والنتيجة الأكثر رجحانًا هي أن يفوز أوباما بفترة رئاسية ثانية وأن يواجه مرة أخرى مجلس تشريعي منقسم والذي سيجري مفاوضات شديدة الصعوبة خاصة بالميزانية حيث تواجه الولايات المتحدة قرارات مالية شديدة الأهمية في بداية عام 2013. أما إذا حقق رومني نصرًا مفاجئًا، ستتسع حالة عدم اليقين بشكل كبير بشأن سياسات الاحتياطي الفيدرالي.

وحتى إذا انحسرت حالة عدم اليقين بشأن السياسات الأمريكية، فسوف يقابلها على الجانب الآخر ارتفاع في حالة عدم اليقين في مواقع أخرى من الاقتصاد العالمي. فبعيدًأ عن مدى الصعوبة التي ستلاقيها الأسواق والساسة في مسعاهم لكي ينأوا بأنفسهم عن اليونان، إلا أن القضية لن تختف ببساطة من تلقاء نفسها وسوف نشهد هذا الأسبوع مرة أخرى دراما الحديث عن الكارثة الوشيكة وانهيار الحكومة. ومن المقرر أن يصوّت البرلمان على حزمة إجراءات التقشف التي طلبتها مجموعة الترويكا يوم الأربعاء، على أن يتم التصويت بشأن ميزانية 2013 يوم الخميس. ويظل التحالف منقسمًا حول إجراءات التقشف حيث لا يزال اليسار الديموقراطي يهدد بالتصويت ضد إصلاحات سوق العمل. ويملك حزب الديمقراطية الجديدة والحزب الاشتراكي اليوناني (باسوك) الأغلبية الكافية لتمرير الإجراءات، بيد أن بعض أعضاء البرلمان سيعارضون بالتأكيد هذه الإجراءات وسيواجه المتحدثون عن الأحزاب مهمة صعبة في إحكام السيطرة وضبط الأمور. وسوف يؤدي رفض هذه الإجراءات إلى إٍسقاط اليونان ومنطقة اليورو في مستنقع جديد من عدم الاستقرار حيث ستتهاوى المزاعم الكاذبة بشأن مصداقية السياسات الراهنة.

وقد بذلت الإدارة الأمريكية ضغوطًا كبيرة على صندوق النقد الدولي وألمانيا ومنطقة اليورو ككل لتفادي مواجهة حاسمة لليونان قبل الانتخابات الرئاسية. وسوف تشعر الحكومة اليونانية يقينًأ بحالة من الانكشاف الكامل أمام المخاطر عقب التصويت الأمريكي يوم الخميس، كما ستتعرض الإدارة الأسبانية لضغوط هائلة عندما تكشف الدول الرئيسية في الاتحاد عن نواياها الحقيقية بعد الانتخابات الأمريكية، وستسود مرة أخرى حالة التشكك إزاء وحدة منطقة اليورو.

وسوف يقوم المؤتمر الثامن عشر للحزب الشيوعي الصيني والمقرر أن تبدأ فعاليته يوم الثامن من نوفمبر الجاري بانتخاب لجنة مركزية جديدة وإعلان اسم رئيس الحزب القادم. وكان البنك المركزي الصيني يبذل جهودًا من أجل تقوية اليوان الصيني قبيل الانتخابات الأمريكية، في ظل رؤية البعض لهذه الخطوة كمحاولة لإزاحة اتهامات رومني للصين بالتلاعب بالعملة وتقديم الدعم لحملة أوباما. ومن المتوقع أن تتراجع هذه السياسة هذه الأسبوع حيث ترى الصين أن المشكلة الأكثر إلحاحًا في الوقت الراهن هي تنافسيتها في مجال الصادرات. فإذا قدر لرومني الفوز بالمنصب، فسوف تتصاعد التوترات التجارية مع الصين بشكل شديد السرعة كما ستكون السياسات اليابانية بشأن العملة تحت المنظار.

وستلعب يقينًا القرارات الخاصة بسعر الفائدة دورًا مهمًا خلال الأسبوع، خاصة مع تزايد درجة عدم اليقين بشكل يفوق الحال مع القرارات السابقة. وستكون البداية بقرار البنك الاحتياطي الأسترالي بشأن سعر الفائدة يوم الثلاثاء. وفي مطلع الأسبوع الماضي كان هناك حالة شبه إجماع على توقع قيام البنك المركزي بخفض أسعار الفائدة، بيد أنه كانت هناك شكوك أكبر خلال الأيام القلائل الماضية مع توقع بعض المحللين قيام البنك بالإمساك عن تغيير أسعار الفائدة في هذا الاجتماع. كما ستكون لمبيعات التجزئة وبيانات الميزان التجاري المقرر صدورها يوم الاثنين تأثير هام على تفكير بنك الاحتياطي الأسترالي (RBA) وستخلف حالة التردد أثرًا كبيرًا على السوق.

وسيعلن البنك المركزي الأوروبي ECB قراره بشأن آخر سياساته النقدية يوم الخميس، ويظل البنك المركزي عاجزًا عن فعل أي شيء على ضوء رفض أسبانيا لطلب حزمة إنقاذ، الأمر الذي أدى إلى تجميد أي خطط لشراء السندات. وليس هناك ما يدعو للتفاؤل مع تواصل انكماش الاقتصاد على المستوى الإجمالي، فيما تبدو النظرة المستقبلية الخاصة بدول الأطراف كئيبة. ورغم أن أصناف المعروض النقدي  تدلنا على ما لتيسير السياسات في مطلع 2012 من بعض الآثار الإيجابية، إلا أنه ثمة ضغوط ستقع على المركزي الأوروبي للمضي في رحلة أخرى في عالم مجهول يتسم بأسعار إيداع سلبية. وسوف تتم عن كثب متابعة بيانات مؤشر مديري المشتريات لقطاع الخدمات لمنطقة اليورو يوم الثلاثاء، وستكون إيطاليا وأسبانيا محور الاهتمام هنا.

وسوف يعلن بنك انجلترا عن آخر قرارته بخصوص أسعار الفائدة يوم الخميس في ظل قرب اكتمال آخر جولة من مشتريات السندات في نوفمبر. ومن ثم سيكون على لجنة السياسات النقدية أن تقرر جدوى إطلاق جولة جديدة من التيسير الكمي من عدمه.

وكانت التوقعات بمزيد من التيسير الكمي قد انحسرت بشكل حاد في أعقاب البيانات الأقوى من المتوقع للناتج المحلي الإجمالي عن الربع الثالث، بيد أن المخاوف قد تجددت في أعقاب بيانات لمؤشر مديري المشتريات لقطاع التصنيع. وهناك يقينًا مخاطرة كبيرة بانقسام القرارات بين لجنة الأعضاء التسع الأمر الذي سيطلق شرارة التقلبات في أعقاب القرار، وسيكون تقرير مؤشر مديري المشتريات البريطاني لقطاع الخدمات والمقرر صدوره يوم الاثنين على درجة كبيرة من الأهمية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى