اليورو والبقاء فوق مستويات 1.3000
بدأ السوق تعاملاته هذا الأسبوع بصورة إيجابية إلى حد كبير حيث ارتفع اليورو/دولار أمريكي إلى ما فوق مستويات 1.3000 وهو المستوى الأعلى الذي يصل إليه الزوج منذ بداية شهر يناير الجاري. ويتزامن ذلك مع إغلاق مؤشر FTSE100 على أعلى مستوى له منذ شهر أغسطس الماضي للمرة الأولى. ويأتي ذلك أيضا بعد التصنيف الائتماني الجديد للولايات المتحدة الأمريكية.
وبصورة عامة فإن الأسواق تتحرك بصورة متوافقة مع معدلات المخاطرة في سوق العملات (اليورو والدولار الأسترالي وما شابه). فقد تحركت الأسواق صاعدة مع الأخبار المتعلقة بالسندات الأوروبية (عندما انخفضت عوائد السندات الإيطالية لعشر سنوات إلى أدنى مستوياتها خلال شهرين) مما دفع أيضا كلا من الذهب والأسهم نحو الارتفاع. وفي الحقيقة فإنه من الممكن تفسير ذلك الوضع الإيجابي المحيط بالأسواق المختلفة بالمحاولات المستمرة للاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي بالإضافة إلى المسئولين في البنك المركزي الأوروبي للوصول إلى حلول للأزمة المالية اليونانية بالإضافة إلى محاولات لتقليل حجم الديون على اليونان بدفع جزء من الالتزامات عليها لحملة السندات الخاصة.
ولقد صدرت بعض التصريحات الإيجابية من رئيس صندوق النقد الدولي (والذي يتفاوض بالنيابة عن حملة السندات من القطاع الخاص) بأن الصفقة قد أوشكت على الانتهاء. ولكنه لم يفصح عن ما إن كانت الصفقة بالفعل تم الوصول فيها إلى اتفاق أم لا. ويبدو أن صندوق النقد قد عرض إسقاط جزء كبير من الديون ولكن الوضع الآن يعتمد على الحكومة اليونانية والمسئولين في الاتحاد الأوروبي مع صندوق النقد الدولي للموافقة عليها.
ولكن يجب التوضيح بان السوق غير مهتم بهذه الأمور في الوقت الحالي. ولكنه اهتم أكثر بالبيانات الواردة هذا الصباح والتي أفادت بأن ألمانيا على استعداد لتبني سياسة إنقاذ طويلة الأجل –صندوق دعم الاستقرار الأوروبي – والتي قد يتم الإفصاح عنها في منتصف عام 2012. وفي حالة حدوث ذلك بالفعل فإنه من الممكن أن تصل حجم المساعدات الاقتصادية لمنطقة اليورو إلى ما يقرب من 750 مليار يورو. وعلى الرغم من كبر حجم هذا المبلغ إلا انه لا يزال أقل من المطلوب من أجل الإبقاء على كل من إيطاليا وأسبانيا بعيدين عن حالة عدم الوفاء بالتزاماتهم. ومن أجل ضمان حماية البلدين فإنه يلزم جمع 250 مليار يورو إضافية لصندوق دعم الاستقرار المالي الأوروبي.
ومن ناحيته فقد أضاف رئيس صندوق النقد الدولي “كريستين لاجارد” بأن الصندوق يحتاج لمزيد من الدعم لمنع استمرار انتشار أزمة اليورو إلى دول أخرى. داعيا لما يقرب من 500 مليار يورو إضافية الأسبوع الماضي. وقد أشار اليوم إلى وجود العديد من العوامل الإيجابية في منطقة اليورو والتي تحتاج إلى الدعم حتى تستمر في تشجيع المستثمرين للاستثمار في المنطقة. ولكننا لا نعلم هل ستتحقق مطالب “لاجارد” قبل اجتماع مجموعة العشرين القادمة الشهر القادم أم لا؟..
وعموما فإن ذلك الأمر لم يمنع السوق من الارتفاع وشعوره بحالة من الإيجابية إزاء تلك التصريحات. ويبدو أن المستثمرين أصبحوا على قدر عالي من الثقة أن الدول الأوروبية والاتحاد الأوروبي أخيرا سوف يستطيع الوصول إلى حلول جذرية للخروج من الأزمة الحالية بدلا من الحلول المؤقتة السابقة التي لم تكن تغني من جوع. وبشكل عام سوف يتضح المزيد من التطورات خلال الاجتماعات الخاصة بالاتحاد الأوروبي المقبل.
وبهذا فإنه من الممكن القول أنه هناك العديد من العوامل التي تدفع بالأمور نحو الإيجابية خاصة مع اتجاه عوائد السندات الإيطالية والأسبانية نحو الانخفاض. ويجب ملاحظة أن مستويات المقاومة التالية بالنسبة لليورو/دولار أمريكي تقع عند مستويات 1.3115 وهي عبارة عن المتوسط المتحرك 50 يوم. وفي حالة الارتفاع فوق ذلك المستوى فإنه سوف يكون من المتوقع استمرار الزوج في الارتفاع نحو مستويات قريبة من 1.3250. وفي حالة حدوث انفراجات إيجابية على الوضع الاقتصادي فإن ذلك سوف يدفع بالزوج نحو الارتفاع أكثر وأكثر.
ولكن في حالة استمرار أزمة السيولة الحالية في الوقوع فإنه سوف يكون هناك ضغوطا على الاقتصاديات الأوروبية من أجل إسقاط الكثير من الديون وأن معدلات النمو سوف تنخفض بصورة كبيرة. وقد حدث بالفعل أن أعلنت أسبانيا أنها تتوقع انخفاض معدلات النمو الاقتصادي الخاص بها بنحو 1.5% خلال العام الحالي. وبشكل عام فإننا ننتظر أيضا صدور نتائج الناتج المحلي الإجمالي الأمريكي هذا الأسبوع والتي من المتوقع أن تسجل مستويات نمو 3% خلال عام 2011. ولأنه هناك فرق كبير في معدلات النمو في المنطقتين فإن ذلك قد يكون السبب في توقف اليورو قليلا عن الارتفاع في حالة عدم الوصول إلى حلول جذرية للأزمة المالية الأوروبية.
ولهذا فإنه بافتراض أن الأخبار اليونانية لم تؤثر على تعاملات السوق خلال الأيام القليلة القادمة فإنه هناك عامل أخر من الممكن أن يؤثر بدوره بصورة كبيرة على تعاملات السوق. وهو اجتماعات البنك الفيدرالي الأمريكي يوم الأربعاء القادم للمرة الأولى خلال العام الجديد لوضع توقعاته لأسعار الفوائد. وفي حالة صدور أي توقعات سلبية مع وجود إشارات طفيفة لحل الأزمة الأوروبية فإن ذلك سوف يكون نتيجته تبني سياسات تيسير كمي مرة أخرى. ولكن ما التأثير المتوقع على السوق من هذا؟. في الحقيقة في حالة حدوث ذلك فإن السوق سوف يتفاعل معه إيجابيا وأن الأسهم سوف تواصل ارتفاعها لعدة أشهر قادمة. ولكن في حالة عدم تبني سياسات التيسير الكمي فإن ذلك قد يؤدي إلى ارتفاع الدولار وحدوث العكس على السوق.
أما عن النفط الخام فالأمر مختلف قليلا بسبب تأثره بالأحداث السياسية. خاصة مع الأنباء الأخيرة الواردة عن قيام المواليين للرئيس الليبي السابق القذافي بالاستيلاء على إحدى البلدات من يد الثوار. الأمر الذي يعني عدم استقرار إنتاج النفط الليبي مما قد يؤدي إلى ارتفاع النفط الفترة المقبلة.
تحديثات المؤشرات:
كانت تعاملات أسواق الأسهم إيجابية بصورة كبيرة. حيث أغلق مؤشر FTSE 100 على أعلى مستوى له منذ أغسطس الأول الماضي بل وواصلت الأسواق الأوروبية الأخرى ارتفاعها أيضا. ويأتي ذلك الأداء مع وجود بعض الإيجابية في الأخبار الخاصة بالقطاع المصرفي الأوروبي بالإضافة إلى ورود أخبار عن دعم صندوق النقد الدولي والاتحاد الأوروبي والبنك المركزي الأوروبي للاقتصاديات الأوروبية المختلفة.
ولكن هذا لا يمنع أن معدلات النمو المنخفضة في بعض الدول الأوروبية من الممكن أن تؤدي إلى عدم ارتفاع الأسهم فيها بصورة كبيرة مع انخفاض فرص الاستثمار فيها في الوقت الحالي.
والجدير بالذكر فإنه في السابق كان الاستثمار في الأسواق الأمريكية أكثر نفعا من الأوروبية ولكن في هذا الجو المتفائل نسبيا من الممكن القول أن الأسواق الأوروبية أكثر جودة من الأسواق الأمريكية.
وبشكل عام فإن الرؤية العامة للأسواق سوف تعتمد بصورة كبيرة على الاجتماعات المقرر انعقادها يوم الأربعاء القادم في الولايات المتحدة الأمريكية لمعرفة ما إن كانت هناك نية لاستخدام سياسات التيسير الكمي أم لا. وفي حالة استخدامها فإن ذلك سوف يكون إيجابيا بالنسبة للأسواق الأوروبية ولسوق العملات أيضا.