ظّلت العملات في حالة من الانتظار والترقب اليوم وسط أجندة اقتصادية في غاية الهدوء وقبيل اجتماع لجنة السوق المفتوحة الفيدرالية FOMC المقرر أن ينعقد في وقت لاحق اليوم، حيث ينتظر المتاجرون ما إذا كان الاحتياطي الفيدرالي سيتعهد بطرح جولة جديدة من التيسير الكمي. وقد ظل زوج اليورو/دولار أمريكي EURUSD قريبًا من أعلى مستوياته التي سجلها مؤخرًا ولكنه شهد رغبة ضئيلة للارتفاع لأعلى في بداية جلسة التداول الأوروبية حيث ظل المتاجرون على غير رغبة في الالتزام بمركز معين لحين انعقاد اجتماع البنك. وفي مؤشر إضافي على التسهيل الائتماني في المنطقة، استطاعت إيطاليا أن تبيع في المزاد سندات لأجل 15 و3 سنوات عند عوائد أقل بكثير من الفترة السابقة حيث سجلت العوائد لأجل 3 سنوات مستوى 2.75% مقابل 4.65% في يوليو. وكان هذا الانخفاض الملحوظ في العوائد هو بالضبط التطور الإيجابي الذي كانت تحتاجه السلطات الإيطالية لتحقيق الاستقرار في الاقتصاد.
أما أهم الأخبار فقد وردت إلينا من المجال السياسي وليس الاقتصادي، حيث أثار الجدل حول الفيلم المسيء للإسلام المزيد من التوتر في الشرق الأوسط. وجاءتنا آخر الأخبار الساخنة من اليمن حيث حاول المتظاهرون اجتياح السفارة الأمريكية محاولين تقليد الهجوم الذي حدث في ليبيا ومصر. فإذا ما بدأ هذا النمط من الأحداث في الانتشار على نطاق واسع في الشرق الأوسط فقد يخلق مشكلة جيوسياسية جديدة يمكنها أن تصد الرغبة في المخاطر عن المضي قدمًا.
و على صعيد آخر، فقد أدى إلى تفاقم مشكلات صناع القرار اليابانيين أن واصل الدولار هبوطه أمام اليمن حيث اقترب زوج الدولار الأمريكي/ين ياباني USD/JPY بشكل خطر من حاجز 77.50 في جلسة التداول الصباحية. وقد قال (تاكيهيكو ناكاو)، أكبر مسئولي العملة في اليابان، أن التحركات الجارية في سوق الفوركس من الواضح أنها لا تعكس الحالة الراهنة للاقتصاد الياباني وأن عمليات المضاربة الراهنة غير مقبولة.
ومع ذلك يبدو المسئولين اليابانيين في حالة من الحيرة حول كيفية صد قوة الين. وقد أثبت التدخل الشفهي بالتصريحات فشله الذريع فيما كان للتدخل المباشر تأثيراً وقتيًا لا يدوم. وفي مواجهة الاحتياطي الفيدرالي الذي يبدو عاقدًا العزم على توسيع ميزانيته إلى ما لا نهاية، تبدو السلطات اليابانية في حالة من انعدام الحول والقوة في مواجهة كل هذه السيولة. وقد قلنا كثيرًا أن على المركزي الياباني أن يطلق برنامجه الخاص والكبير للتيسير الكمي لمواجهة انخفاض القيمة الذي تحدثه تحركات الاحتياطي الفيدرالي، إلا أنهم بدوا على غير رغبة في سلوك هذا الطريق.
وعلى صعيد آخر، إذا أعلن الاحتياطي الفيدرالي عن جولة جديدة من التيسير الكمي، فإن زوج الدولار الأمريكي/ين ياباني USD/JPY سوف يضعف على الأرجح ليخترق حاجز الدعم 77.50 ويستهدف حاجز 77.00 الأساسي مع اقترابه من أقل مستوياته على الإطلاق قرب مستوى 76.00. ولا شك أن هذه المستويات السعرية غير مستدامة بالنسبة للاقتصاد الياباني القائم على الصادرات، وسيكون على المسئولين الاستجابة لهذا الموقف. ومن جهة أخرى، إذا فاجأنا الاحتياطي الفيدرالي بعدم إقدامه على أي تحرك، فإن زوج العملة قد يشهد ارتدادًا قويًا وتقوم الأسواق بإعادة ضبط توقعاتها وتسعى المراكز المكشوفة للتغطية.