عمد بنك الاحتياطي الأسترالي (RBA) إلى الحرص في انتقاء كلماته بعناية في الوقت الذي تسيطر عليه فيه حالة من الترقب وانتظار الأحداث.
وكما هو متوقع، ترك الاحتياطي الأسترالي سعر الفائدة عند مستوى 3.5%. وعاد بيانه المصاحب إلى الحديث عن القوة الاقتصادية المحلية للبلاد في مواجهة حالة الضعف العالمية السائدة. ولا غرو أن غياب الاتجاه الواضح من الاحتياطي الأسترالي قد خلق حالة من التقلب للمستثمرين في الدولار الأسترالي AUD، حيث اختبر الدولار الأسترالي /الدولار الأمريكي AUD/USD مستوى مقاومة مهم حول 1.0600 نقطة، وذلك قبل أن يتم تصحيح حركة السعر بالكامل.
وإجمالاً، جاء البيان القادم من محافظ الاحتياطي الأسترالي «ستيفنز» غامضًا، حيث عجز محافظ البنك على إخبار الأسواق بأي شيء عدا ما تعرفه بالفعل. ورغم ذلك، فهذا أمر متوقع بالأخذ في الاعتبار أن نفس القصة هي التي دفعت قرارات البنك عن العام بأكمله: وهي النظرة المحلية في مقابل النظرة العالمية. وفي بعض الحالات، اجتمعت المستويات الضعيفة بصفة عامة للنمو في الخارج مع بيانات محلية ضعيفة لتخلق الظروف المثالية لإجراء خفض في السعر النقدي الرسمي، على غرار اجتماع إبريل للبنك وذلك عندما قرر مجلس الإدارة خفض السعر النقدي بمقدار 50 نقطة أساس. وفي الواقع، فإن هذه النظرية هي ما كان يستخدمها الكثير من المستثمرين منذ عدة أسابيع قليلة ماضية للتنبؤ بخفض آخر من البنك اليوم، بيد أنهم أحبطوا جراء السيل الإيجابي الحالي من البيانات الاقتصادية المحلية.
وفي اجتماع اليوم، أوضح الجميع أن الموقف الحالي للبنك هو الانتظار وترقب ما تسفر عنه الأحداث، وقد أراد المجلس بصفة خاصة من هذا الانتظار تقييم آثر خفض أسعار الفائدة السابقة قبل اتخاذ إجراءات جديدة. وهذا أمر مفهوم على ضوء أن البيانات البيانية تشير إلى ضرورة ألا يتعجل مجلس الإدارة إجراء أي تصرفات، خاصة على ضوء حالة التضخم والتي تبدو متوقفة عند أدنى النطاق المستهدف للبنك (وهو ما قد يمنح البنك المجال لإجراء خفض، ولكن هذا فقط في حالة كان مدعومًا بضعف البيانات المحلية و/أو تدهور الموقف الاقتصادي في الخارج). ومن ثم، فقد يظل الاحتياطي الأسترالي ثابتًا على موقفه الشهر المقبل كذلك، ما لم تشهد الأوضاع الاقتصادية الدولية مزيدًا من التدهور.
وخارج أستراليا، كانت الأسواق تشهد حالة من الهدوء الشديد قبل صدور قرار البنك. ولم تصدر بيانات مهمة عدا مؤشر تكلفة العمالة في نيوزلندا (القراءة الفعلية +0.5%، القراءة المتوقعة +0.6%) ومؤشر إنشاءات مجموعة الصناعة الأسترالية AIG (القراءة الحالية 32.6، القراءة السابقة 34.8). ولم تؤد أي من هذه البيانات إلى أي تحركات في السوق.
وكما أوضحنا سابقًا، لم يشهد الزوج دولار الأسترالي /الدولار الأمريكي AUD/USD ردة فعل قوية إزاء إعلان بنك الاحتياطي الأسترالي، ولم تفعل ذلك أي أزواج عملات أخرى. ولكن زوج اليورو/دولار أسترالي EURAUD نجح في الاختراق إلى مستوى دعم رئيسي حول 1.1700، وإن يكن نقديًا. فالواضح أن السوق يشعر بقلق إزاء تحرك الزوج في الجلسة الاسيوية في الوقت الذي يتركز فيه انتباهه على أماكن أخرى، ولكن حركة السعر اليوم تؤكد إلى حد ما نظريتنا السابقة بأن زوج اليورو/دولار أسترالي قد يكون عند سعر مبالغ فيه.
وينتظر المستثمرون الآن البيانات القادمة من سويسرا، ومنها بيانات احتياطي النقد الأجنبي ومؤشر سعر المستهلك CPI. وبعدها، ستتصدر عناوين الأنباء أرقام التصنيع القادمة من المملكة المتحدة وبيانات تصاريح البناء القادمة من كندا.