باتت مسألة طرح جولة ثالثة للتيسير الكمي الأسبوع المقبل خارج طاولة الخيارات المطروحة رسميًا بعد أن أظهر تقرير الناتج المحلي الإجمالي هذا الصباح نمو الاقتصاد بنسبة 1.5% في الربع الثاني. وكانت غاية آمال الاقتصاديين أن يصل إلى الرقم إلى مستوى 1.4%، والخبر السار ليس أن نسبة الربع الثاني فاقت التوقعات فحسب، بل وقد تم تعديل أرقام الربع الأول إلى رقم أعلى. وعلى ضوء الضعف الكبير في مبيعات التجزئة والتراجع في الميزان التجاري، كنا قد توقعنا انكماشًا أكثر حدة في النمو، إلا أن التباطؤ الذي سجلته أرقام الربع الثاني جاء اسميًا. وقد نمت الاستثمارات الخاصة والصادرات والواردات بمعدل أقوى في الربع الثاني، فيما تباطأ الاستهلاك الشخصي إلى أقل من المتوقع. ويأتي رقم الناتج المحلي الإجمالي الأفضل من المتوقع في توقيت جيد جدًا بالنسبة للدولار الأمريكي USD، لأنه يدعم الاحتمال القوي بأن يتراجع الاحتياطي الفيدرالي عن إصدار جولة ثالثة من التيسير الكمي الأسبوع المقبل. ولو كانت أرقام الناتج المحلي للربع الثاني قد جاءت أقل من 1%، لكان الاحتياطي الفيدرالي قد استشعر ضرورة مناقشة ضخ المزيد من التيسير الكمي، أما الآن فقد توافر لديه من الأسباب ما يدعوه للتشكك حول مدى الضعف الأمريكي والحاجة لمزيد من الحوافز. وهو الأمر الذي قد يدفع الدولار في الاتجاه الصعودي إذا ما اكتسح البنك المركزي الأوروبي ECB بمزيد من الدعم الأسبوع المقبل.
وعلى الجانب الآخر من الأطلنطي، دفع رقم الناتج المحلي الإجمالي الأمريكي بالزوج اليورو/دولار أمريكي EURUSD إلى التخلي عن مكاسبه. ومع ذلك، أدت زيادة الهبوط في عوائد السندات الأسبانية والإيطالية والارتفاع في الأسهم الأوروبية إلى تخفيف الضغوط في أوروبا. وباتت عوائد السندات الأسبانية لأجل 10 سنوات أكثر قربًا لمستوى 6.5% عنه إلى مستوى 7%، وتراجعت العوائد الإيطالية مرة أخرى إلى ما دون 6%. وقد طغت على تداولات هذا الصباح مقالة نشرتها «رويترز» تتحدث عن قيام وزير الاقتصاد الأسباني بطرح فكرة خطة إنقاذ سيادية بقيمة 300 مليار يورو مع نظيره الألماني يوم الثلاثاء الماضي، بيد أننا نرى أن الهبوط الأخير في العوائد يقلل من حجم إلحاح المشكلة والضغوط الداعية لاتخاذ إجراءات. وبتعبير آخر، إن الهبوط في السندات قد أتاح لصناع السياسات الوقت اللازم لإيجاد وسيلة لمساعدة أسبانيا أو إيطاليا إذا ما عاودت تكاليف الإقراض ارتفاعها الصاروخي مرة أخرى. ولا نتوقع أن تتقدم أسبانيا بطلب رسمي لحزمة إنقاذ كاملة ما لم تصعد أرقام العوائد إلى أعلى من مستوى 7%. وكان نائب رئيس الوزراء الأسباني «ساينز» قد أكّد أن الحكومة لن تسعى لخطة إنقاذ لأن هذا “ليس أحد الخيارات المطروحة”. ورغم هذا التصريح المشجع إلا أننا سبق وأن سمعنا ادعاءات مماثلة من بلدان وجدناها تطرق فيما بعد أبواب الاتحاد الأوروبي طلبًا للمساعدة.
وقد رحب وزير المالية الألماني بالتعليقات التي أدلى بها «ماريو دراجي» يوم أمس سعيًا لتأمين مكانة اليورو. ويؤيد الوزير استخدام آلية الاستقرار المالي الأوروبي EFSF لشراء السندات الحكومية، ولكنه لا يرى أن منح صندوق الإنقاذ ترخيصًا مصرفيًا أمرًا يقع ضمن اختصاصات البنك المركزي الأوروبي ECB. ومع ذلك، تزعم صحيفة «لوموند» الفرنسية أن المركزي الأوروبي يعكف حاليًا على التنسيق لإجراء وإنشاء صندوق إنقاذ أوروبي لخفض تكاليف الاقتراض من خلال شراء الديون الأسبانية والإيطالية. وقد أنكر الاتحاد الأوروبي كل ما ورد في الصحيفة ولكن فكرة إعادة تنشيط برنامج سوق الأوراق المالية SMP هي إجراءه طرحه الكثير من الاقتصاديين في مجال المصارف باعتباره أحد الإجراءات السياسية المطروحة خلال الأسابيع المقبلة، وباعتبارها أحد الأفكار القادرة على توفير الدعم لليورو.