هل يستقر الدولار الأمريكي قبيل تنصيب ترامب؟

هل  الدولار قبيل تنصيب ترامب؟

 

 في  أول أسبوعين من العام تزايدت عمليات جني الأرباح على الدولار الأمريكي في سوق العملات، والبورصة الامريكية وسندت الخزانة قصيرة الاجل. وخرج المستثمرون  من الصفقات التي كانوا يعتمدون فيها على مؤتمر ترامب بعد ما حققه الدولار من مكاسب قوية في نهاية عام 2016.  وكان لدى دونالد ترامب الفرصة لإعادة ارتفاع الأسهم والدولار من خلال تقديم المزيد من التفاصيل المحددة بشأن خططه الخاصة بالتحفيز المالي في أول مؤتمر صحفي له كرئيس منتخب لكنه فشل في ذلك، مما أعطى المستثمرين سبب وجيه جدا للدخول مرة اخرى في  صفقات شراء الدولار وشراء الأسهم الأمريكية.  وبدلا من ذلك استمرت عوائد السندات الامريكية في الانخفاض مما دفع الدولار للأسفل ولكن نظرًا إلى أنه لم يتبقى سوى أيام قليلة قبل تنصيب ترامب رسميًا،  فقد يستقر الدولار الامريكي.   وقد رأينا مؤشرات أولية  يوم الجمعة  الماضية عندما تجنب الدولار الأمريكي/ الين الياباني USD/JPY الخسائر للمرة الأولى منذ 5 أيام من التداول.

 

 ووفقا لأحدث التقارير الاقتصادية، فإن الاميركيين ينفقون الكثير والتضخم آخذ في الارتفاع.  فقد ارتفعت مبيعات التجزئة بنسبة 0.6٪ في شهر ديسمبر،  من معدل 0.2٪ الذي كان عليه في نوفمبر.  كما ارتفعت أسعار المنتجينب نسبة 1.6% كمعدل سنوي، من مستوى 1.3%.   على الرغم من أن تفاصيل هذه التقارير لم تكن مشجعة كثيرًا، مع تباطؤ ارتفاع معدلات الإنفاق على السيارات وتباطؤ نمو  التضخم على أساس شهري، إلا أن مسؤولي البنك الاحتياطي الفيدرالي قد عبروا عن ثقتهم بأن أسعار الفائدة سترتفع هذا العام، ولا نعتقد أن آخر التقارير ستغير من وجهة نظرهم. وقد شعر كل الأعضاء المصوتين تقريبًا في اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة (FOMC) في الأسبوع الماضي بأن رفع سعر الفائدة ثلاث مرات أمرًا ممكنًا.   ونحن نعلم منخلال محضر اجتماع البنك الاحتياطي الفيدرالي في وقت سابق أن آرائهم تتوقف على تنفيذ  ترامبلوعوده بشأن التخفيضات الضريبية وخطط الانفاق على البنية التحتية.  في حين أن المستثمرين قد يكون متشككين بشان هذه الوعود، إلا أن هذه الشكوك لم تصل إلى مشرعي السياسة النقدية وهو أمر مهم جدا الاعتراف به.  وقد تم التركيز على المخاوف بشأن تضارب المصال ح لدى ترامب  وعلاقاته المزعومة مع روسيا ولكن هذه القضايا لا تتعارض مع خططه بـ”جعل أميركا بلدًا عظيمًا مرة أخرى” من خلال برنامج الإنفاق الضخم.  إذا كنت تعتقد أنه ذاهب لتنفيذ هذه الخطط بعد الانتخابات، ثم راقبت الأوضاع الحالية ، فقد تلاحظ ان هناك سبب وجيه للاعتقاد بأنه لن يتم متابعة تنفيذ هذه الوعود الانتخابية.  والحقيقة أن الأميركيين ينفقون بفضل ارتفاع معدل الأجور واستمرار نمو التوظيف وطالما استمر هذا الوضع، فإن البنك الاحتياطي الفيدرالي سيكون بحاجة إلى تطبيع السياسة النقدية ورفع أسعار الفائدة.  ولهذه الأسباب، نعتقد أن الدولار يقع بالقرب من قاع سعري، وبينما لا نستطيع  استبعاد حركة سعرية قوية ومفاجئة ، إلا أن فرصة الاستقرار قبل تنصيب ترامب تعتبر أكبر.  أما فيما يتعلق جدول البيانات الاقتصادية الأمريكية الأسبوع المقبل فيركز على بيانات بشأن التضخم والإسكان و تصريحات من أعضاء البنك الاحتياطي الفيدرالي – فإن هناك  3 عوامل من المتوقع أن تساعد الدولار الأمريكي أكثر من ضررها له.

 

 سيكون الاسبوع القادم  حافلا.  وعلى الرغم من أن وكالات الأنباء سوف تركز على النصيب الرئاسي المقبل، فسوف نركز على مجموعة هامة من البيانات الاقتصادية.  ستكون الاسواق الأمريكية مغلقة يوم الاثنين بمناسبة يوم مارتن لوثر كينغ  ولكن ستزداد أجواء التداول سخونة  يوم الثلاثاء حيث من المقرر أن يكون هناك “خطاب هام حول خروج بريطانيا من الإتحاد الأوروبي (Brexit)” من رئيس الوزراء مايو كما سيتم الاعلان عن تقرير التضخم البريطاني. سيكون الاسترليني محور الاهتمام مع بداية الأسبوع حيث من المرجح أن تحدد تعليقات مايو نغمة التداول للعملة البريطانية.   لكن في الوقت ذاته ستكون هناك تقارير في غاية الاهمية عن التضخم والتوظيف ومبيعات التجزئة.  نتوقع أن يكون هناك ضغط على تداول الاسترليني حتى تدلي مايو بتصريحاتها، خاصة مقابل اليورو EUR ، وبعد ذلك ستعتمد حركة التداول على ما ستقوله.   ومن المتوقع أن تطرح مايو طريقتها  لمغادرة الاتحاد الأوروبي بما في ذلك  خططها المحتملة للهجرة وإمكانية الوصول إلى الأسواق.  وقد تشير بالتأكيد إلى أنهم سيحاولون الخروج بطريقة لينة مما سيكون له أثر إيجابي جدا للباوند، ولكن فرصة أتبنيها للطريقة المتشددة هو ام مرجح أيضًا، وبالتالي نتوقع انخفاض الجنيه الاسترليني قبل خطابها، وبالتالي نوصي بعدم دخول صفقات خلال كلمتها.

 

 خلال هذا الاسبوع ستكون هناك إعلانات عن السياسة النقدية من البنك المركزي الأوروبي (ECB) و البنك المركزي الكندي. ومن غير المتوقع أن يغير أيًا من البنكين السياسة النقدية، ولكن سيراقب المستثمرون بعناية إذا ما ستكون  آخر التحسنات في بيانات منطقة اليورو كافية بالنسبة للبنك المركزي الاوروبي للبء في مناقشة إيقاف برنامج التحفيز الاقتصادي.   وعندما اجتمع البنك الاوروبي آخر مرة، كان دراجي قد استبعد تمامًا فكرة تفكيك برنامج التسهيل الكمي من خلال تقليص شراء الأصول. ومن الواضح ان البنك المركزي الأوروبي (ECB) لا يرغب في الإضرار بالتعافي الهش باتخاذ اي خطوات قد تعكس الاتجاه الصعودي في معدل النمو والتضخم.   بعد شهر واحد،  تحسن الاقتصاد بشكل واضح مع ارتفاع معدل نشاط التضخم وقطاع الصناعات التحويلية.   وقد قطع ضعف اليورو  شوطًا بعيدًا للغاية  في دعم الاقتصاد وتعزيز التضخم مما أدى بعضو البنك المركزي الأوروبي “فيليروي” إلى القول بأن النمو سيكون قويًا في عام 2017 .  ونعتقد ان العديد من مشرعي السياسة النقدية متفقين معه في وجهة نظره.  وفقا لآخر محضر اجتماع من البنك المركزي الأوروبي، فإن التضخم آخذ في الارتفاع بشكل ملحوظ مما يعطي البنك المركزي المزيد من الأسباب للنظر في الحد من عمليات شراء الأصول.  وأي اعتراف بضرورة التوقف عن برنامج شراء الاصول، سيكون إيجابيًا لليورو  ولكنهم قد يتجنبون الحديث عن هذا الاحتمال إذا كانوا ما زالوا يعتقدون أن الانتعاش الاقتصادي يحتاج إلى دعم.  ومن المهم بالطبع الاعتبارف بان اليورو  يرتفع بسبب انخفاض الدولار الأمريكي USDK ، وبالتالي إن تراجعت عمليات الخروج من الصفقات المعتمدة على ترامب، فقد يتخلى اليورو/ دولار أمريكي EUR/USD عن ارتفاعاته.  ومن المحتمل أن يُظهِر تقرير ZEW الألماني تحسن في ثقة المستثمرين بسبب ضعف العملة وقوة البيانات.

 

 من المتوقع ان يكون تأثير إعلان السياسة النقدية من البنك المركزي الكندي محدودًا على الدولار الكندي حيث من المحتمل ان يحافظ مشرعي السياسة النقدية في كندا على موقفهم المحايد تجاه السياسة النقدية.  وعندما اجتمعوا آخر مرة في شهر ديسمبر، قال البنك المركزي الكندي أن آليات النمو الاقصادي في كندا كانت كما كان متوقعًا، ولا يزال موقفهم تجاه السياسة النقدية مناسبًا.  ومنذ ذلك الحين والبيانات الاقتصادية الكندية تأتي بنتائج افضل من التوقعات، حيث ارتفع مؤشر مديري المشتريات (PMI) و مبيعات التجزئة و الميزان التجاري و التوظيف.   ولكن تراجع معدل نمو أسعار المستهلك وقد يؤدي الارتفاع الأخير في الدولار الكندي إلى المزيد من الاتجاه الهبوطي على الأسعار.   كما هناك توترات بين الكمنديين بشأن خطط ترامب بشأن  إعادة التفاوض على اتفاقية النافتا.   وبصرف النظر عن إعلان البنك المركزي الكندي، سيتم الاعلان عن مبيعات التجزئة الكندية و مؤشر أسعار المستهلك  ولكن التركيز الأكبر سيكون على البنك المركزي الكندي.

 

 بالنسبة الى استراليا ونيوزلندا، سيتم الاعلان عن الناتج المحلي الإجمالي الصيني للربع الرابع و الإنتاج الصناعي و مبيعات التجزئة. وتباطأالاقتصاد الصيني وسوف يراقب المستثمرون هذه البيانات لمعرفة إذا ما كانت تعكس ذلك.  وسوف يتم الاعلان من استراليا عن تقرير التوظيف.  وبعد  قوة معدل نمو التوظيف الشهر الماضي، من المتوقع ألا تكون الزيادة كبيرة هذه المرة.  ومن غير المقرر الاعلان عن تقارير اقتصادية من نيوزلندا، ولكن سيراقب تجار الدولار النيوزلندي NZD مزاد الحليب لمعرفة إذا ما سيستمر الاتجاه الهبوطي. وبينما تعتبر أسعار السلع الاساسية في استراليا في ارتفاع، إلا أن سعر التصدير الرئيسي في نيوزيلندا قد تراجع، وهو ما يفسر الارتفاع الأخير في الدولار الاسترالي/ الدولار النيوزلندي (AUD/NZD).  من الناحية الفنية، ارتفع كلا من الدولار النيوزلندي/ الدولار الأمريكي NZD/USD و الدولار الاسترالي/ الدولار الأمريكي AUD/USD بقوة خلال الأسبوع الماضي ولكنهما لم يتجاوزا المتوسط المتحرك (SMA) لـ 100 يوم، ونتطلع الآن إلى تصحيح أعمق في كلا الزوجين.

Exit mobile version