فجأة وجدت الحكومة البريطانية نفسها بين شقي الرحى: فقد بدا الاقتصاد عاجزًا عن أي نهوض في الربع الثالث، وبالتالي فلنا أن نتوقع في أفضل التقديرات نسبة نمو قدرها صفر% تخرج بنا على الأقل فنيًا من مربع الكساد، بيد أنه حتى هذا ليس مضمونًا حيث تمارس بيانات التصنيع والتجارة ضغوطها السلبية على النظرة الاقتصادية. وهذا ما يضع ضغوطًا على الحكومة للتخلي عن إجراءاتها التقشفية ومحاولة ضخ المزيد من الحوافز في الاقتصاد ودفع النمو ولو بطريقة مصطنعة. وقد استفاد النمو في الربع الأخير من المستويات الفاترة للإنفاق الحكومي، وفي المقابل هبطت كلاً من النفقات الاستثمارية واستهلاك المنازل، وعليه فإن هناك ما يؤيد الحجة القائلة بأن بوسع الحكومة توليد النمو في الأرباع السنوية المقبلة إذا ما قامت وزارة المالية بتخفيف إجراءاتها التقشفية. إلا أن أمر كهذا له ثمن يتعين دفعه – ذلك أنه إذا تخلت الحكومة عن برنامجها للتقشف المالي، فقد تفقد المملكة المتحدة تصنيفها الائتماني «إيه إيه إيه»، وذلك حسب وكالة “فيتش” للتصنيف الائتماني.
وقد قالت وكالة التصنيف الائتماني بأن المجال محدود للمناورة أمام الحكومة عندما يتعلق الأمر بتحفيز النمو الاقتصادي وضبط الآليات المالية. وكما رأينا في حالات أخرى، إن فقد التصنيف الائتماني الثلاثي المتميز لن يمثل نهاية العالم، فلم يعد فقد هذا التصنيف بأي ضرر على تكاليف اقتراض الولايات المتحدة، ولكنه قد يضع موثوقية الحكومية البريطانية في خطر، خاصة وأن وزير المالية البريطاني قد ربط سمعته بمحافظة المملكة المتحدة على تصنيفها الائتماني. ورغم أن فقد نقطة أو نقطتين على التصنيف الائتماني لن تضر بالجنيه الإسترليني، إلا أن أي أزمة سياسية ستطيح بهذا التصنيف بالتأكيد. ومن هنا جاءت أهمية متابعة التعديل الوزاري الذي سيجريه رئيس الوزراء الأسبوع المقبل عن كثب شديد. ونتوقع أن يسفر التعديل عن احتفاظ الوزير أوزبورن بمنصبه، ولكنا بينما نترقب بيانه الخريفي في نوفمبر، فلن تسير الأمور بشكل هادئ حتى هذا الحين بالنسبة للوزير.
وسوف تكون البيانات الاقتصادية الصادرة الأسبوع المقبل والتي تشمل مؤشر مديري المشتريات لقطاعي الخدمات والتصنيفات إلى جانب بيانات الإنتاج الصناعي ذات أهمية محورية في تقييم حالة الاقتصاد خلال الفترة التي تفصلنا عن الشهر الأخير من الربع الثالث. ومن المتوقع أن يظل قطاع الخدمات فوق مستوى الـ 50 نقطة، ولكنه سيهبط على الأرجح. كما سيعلن المركزي البريطاني (بنك انجلترا) أسعار الفائدة هذا الأسبوع؛ إلا أنه ليس من المتوقع أن يعمد البنك إلى تغيير أسعار الفائدة أو حجم برنامجه لمشتريات الأصول. ونرى أن البنك سوف يحجم عن اتخاذ إجراءات إضافية لحين حلول موعد اجتماعه في نوفمبر ليرى كيف ستسهم دفعة يوليو للتيسير الكمي إلى جانب البرنامج الجديد لتمويل الاقتراض في دفع النمو على مدار الأشهر القادمة.
ورغم حالة الضعف التي تبدو عليها البيانات الاقتصادية للجنيه الإسترليني ، إلا أن هذا لا يبدو أنه يشكل عقبة أمام الإسترليني. وإذا ظل المركزي البريطاني على حاله بدون تغيير واتخذ المركزي الأوروبي ECB من جانبه خطوات لزيادة حجم ميزانيته في اجتماعه المقرر أيضًا يوم الخميس، فإننا قد نشهد تعرض الزوج اليورو/جنيه إسترليني EURGBP لبعض الضغوط. وكان هذا الزوج التقاطعي قد انتعش في الأسابيع الأخيرة، ولكن السياسات الناعمة للمركزي البريطاني قد تشهد اختبارًا لمستوى 0.7900 – وهو يمثل مستوى دعم أساسي والمتوسط المتحرك لمدة 50 يومًا – وعودة إلى منطقة 0.7850.