يكتسي هذا الأسبوع أهمية كبيرة لا ينبغي بأي حال التقليل منها، واحتمالات تخطي اليورو أزمته الحالية ضعيفة للغاية ما لم تقم ألمانيا بالتحرك. وكان رئيس البنك المركزي الأوروبي ECB «دراجي» قد أعلن استسلامه، ما يزيد من شدة الضغوط الواقعة على الحكومة الألمانية والمركزي الأوروبي للتدخل بإجراءات دعم أكثر حسمًا لإبقاء منطقة اليورو متماسكة. فإذا ما فشلت ألمانيا في الامتثال لهذه المطالبات، فإن منطقة اليورو سوف تتفسخ في النهاية بسبب سيل من التدفقات الخارجية لرؤوس الأموال. أما إذا اتخذ المركزي الأوروبي إجراءات إضافية وأظهرت ألمانيا بعض المرونة، وهو النتيجة الأرجح، فسيكون هناك ارتياح إزاء شهية المخاطر، بيد أن احتمالات حدوث ارتفاع مستدام في اليورو تظل ضعيفة للغاية، حيث سيكون سعر العملة الموحدة بعد إنقاذها أضعف من أن يدعم الاقتصاد. وأي مكاسب مبدئية في اليورو سوف تتعرض للتآكل بشكل سريع.
وكان رئيس المركزي الأوروبي قد مهد لاجتماع البنك يوم الخميس بالتعليقات التي صرح بها الأسبوع الماضي، ولم تكن هذه التعليقات مجرد ملاحظات عفوية حيث أنها تمثل إستراتيجية أساسية للمساعدة في إنقاذ منطقة اليورو بطريقة يسهل فهمها. وكانت مشكلة «دراجي» أنه رفع سقف التوقعات بشكل صارخ. وبالتالي، إذا لم يستطع الحصول على تأييد لمقترحاته، فإن معدلات الثقة في السوق سوف تعاني هبوطًا قبيحًا وتضع اليورو تحت مزيد من ضغوط البيع المكثفة.
وتشير الدلائل إلى أن «دراجي» سوف يضغط من أجل قيام البنك المركزي بإجراء عملية شراء جديدة للسندات، وإجراء خفض للفائدة وطرح جولة جديدة من عمليات إعادة تمويل طويلة الأجل LTRO. ومن الواضح أنه لن تكون هناك ثمة معارضة لهذه اللهجة العنيفة من ممثلي البنوك المركزية لدول أطراف الاتحاد الذين يتلمسون أي إجراءات لدعم أوضاع الطلب. وسيكون الحوار مع ممثلي دول وسط اليورو أكثر صعوبة بكثير. وستكون هناك مخاوف من تدهور الطلب بشكل سريع داخل منطقة اليورو على نحو يؤدي لاستمرار شدة الضغوط الدافعة لمزيد من الإجراءات. وسينتاب ألمانيا قلق عميق إزاء احتمالات حدوث تضخم على المدى المتوسط، وستكون هناك يقينًا معارضة شديدة القسوة لأي تدابير غير تقليدية إضافية مثل استئناف شراء السندات من خلال برنامج سوق الأوراق المالية SMP.
وهناك يقينًا احتمال بأن يؤدي الجدل العنيف داخل المركزي الأوروبي، والنزاعات المفتوحة بين الأطراف المهمة إلى حدوث تدهور كبير في معدلات الثقة إزاء المركزي الأوروبي ومنطقة اليورو بأكملها. ومن الممكن أن يقترح دراجي طرح كل ما يمكن تخيله من إجراءات لعلاج الأزمة ويأمل في حشد أكبر عدد من البلدان لإجبار ألمانيا على التخلي عن موقفها. ولكن إذا ما فشل المركزي الأوروبي في الحصول على مساندة ألمانيا، فستنشأ موجة شديدة من ضغوط البيع على السندات الأسبانية والإيطالية.
وسيظل النظرة المستقبلية للاقتصاد اليوناني محور اهتمام أثناء هذا الأسبوع، وبرغم المقترحات الداعية للبنوك المركزية لإجراء خفض لقيمة الأرصدة والموجودات اليونانية، ثمة دلائل متزايدة على أن المقترحات ستلقى تجاهلاً مع ضعف آمال الحصول على مزيد من قروض الدعم الإضافية .
كما سيواجه الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي قرارًا في غاية الأهمية يوم الأربعاء. وسينشأ عنصر تعقيد نتيجة لاجتماع المركزي الأوروبي عقب اجتماع الاحتياطي الفيدرالي، في الوقت الذي يتصرف فيه الاحتياطي الفيدرالي وكأن الأمر لا يهمه. إلا أن ثمة احتمال قوي بأن يتبصر الاحتياطي الفيدرالي بإجراءات المركزي الأوروبي. وثمة احتمالات متنامية بأن يشارك الاحتياطي الفيدرالي في جهود منسقة لدعم الطلب. فإذا ما أردنا إنقاذ اليورو، فلابد وأن يتراجع سعر العملة بشكل حاد، وسوف يكون عدم التحرك من جانب الاحتياطي الفيدرالي مهمًا في مقاومة تجدد التدهور العنيف في قيمة الدولار. وفي هذا السياق، سوف تضعف أهمية إجراءات المركزي الأوروبي إذا ما دعم الاحتياطي الفيدرالي زيادة التيسير الكمي. والمثير للسخرية أنه بالرغم من أن تحرك الاحتياطي الفيدرالي قد يدفع ثقة الأسواق في الطلب العالمي، إلا أن أفضل خدمة يؤديها الآن هي إبقاء سياساته بلا تغيير في الوقت الحالي.
وستهيمن على بيانات هذا الأسبوع بيانات تقرير التوظيف الأمريكي بغير القطاع الزراعي المقرر صدورها يوم الجمعة. وقد يقلل من آثارها إلى حد ما كونها تأتي عقب جولة من الاجتماعات المهمة للبنوك المركزية. فإذا ما اتخذ الاحتياطي الفيدرالي بالفعل إجراءات لزيادة التيسير الكمي، فإن أثر تقرير التوظيف سيتراجع بالتأكيد. وستزداد أهمية هذا التقرير إذا ما ألمح الاحتياطي الفيدرالي إلى أن أي إجراءات مستقبلية سكون مرهونة بحجم النشاط المستقبلي. وفي هذا الإطار، إذا جاء رقم آخر بنفس ضعف سابقيه فإن هذا سيرفع بالتأكيد الاحتمال اتخاذ المزيد من الإجراءات في اجتماع لجنة السوق المفتوحة الفيدرالية FOMC في سبتمبر.
وقبيل صدور بيانات تقرير التوظيف الأمريكي بغير القطاع الزراعي ، من المقرر أن يصدر تقرير التوظيف الأمريكي بغير القطاع الخاص ADP يوم الأربعاء لتعقبه بيانات معدلات الشكاوى من البطالة يوم الخميس. كما ستكون بيانات مؤشر مديري المشتريات للقطاع التصنيعي في غاية الأهمية يوم الأربعاء، خاصة بعد انخفاضه إلى ما دون مستوى 50 نقطة الشهر الماضي. وأي قراءة أخرى إلى ما دون مستوى 50 ستغذي التوقعات بحدوث مزيد من الهبوط في الاقتصاد ككل. كما أن القراءات الضعيفة ستزيد من الضغوط على بيانات قطاع الخدمات المقرر صدورها يوم الجمعة.
كما من المقرر انعقاد الاجتماع السياسي لبنك انجلترا يوم الخميس، ومن المتوقع ألا يسفر الاجتماع عن أحداث مهمة بعد جولة التيسير الكمي التي شهدناها الشهر الماضي. وليس من المحتمل أن نجد لدى البنك رغبة في اتخاذ مزيد من الإجراءات في هذا التوقيت ما لم يكن هناك ثمة نوع من التنسيق العالمي.
وسوف تتم متابعة البيانات الاقتصادية البريطانية عن كثب أثناء هذه الأسبوع. ومن المقرر أن يصدر أحدث البيانات الخاصة بالقطاع التصنيعي يوم الأربعاء في أعقاب بيانات الإنشاءات يوم الأربعاء وبيان الخدمات يوم الخميس. أما أهم البيانات فستكون من نصيب تقرير الخدمات، وأي هبوط إلى ما دون مستوى 50 نقطة سيمثل مخاطر شديدة للنظرة المستقبلية للاقتصاد البريطاني.