كان عام 2013 مثيرا جدا للاهتمام بالنسبة لليورو. فبينما لم تعد منطقة اليورو تواجه أزمة الديون بفضل الإجراءات الضرورية التي اتخذها ماريو دراجي محافظ البنك الأوروبي ، إلا أن معدل النمو كان ضعيفا للغاية على الرغم من انتهاء الركود في الربع الثاني من عام 2013. وفي الربع الثاني من العام، سجل معدل النمو الاقتصادي نسبة 0.3% فقط في الربع الثالث من العام، وتباطأ معدل النمو هذا الى 0.1%. وظل معدل نمو الناتج المحلي الاجمالي السنوي عند -0.4%، وهو معدل اضعف كثيرا من معدل الـ 4.1% والذي سجلته أمريكا في الربع الثالث. وكان البنك الفيدرالي قد قرر السياسة النقدية بدون تغيير على مدار العام، بينما قرر البنك المركزي الاوروبي قطع اسعار الفائدة بمقدار 50 نقطة اساس. وكانت العملات الاساسية قد اصابها الضعف مقابل اليورو هذا العام، حيث انخفض الين الياباني بنسبة 20% تقريبا، وانخفض الدولار الاسترالي بنسبة 17% والدولار الكندي بنسبة 10%. كما تفوق اليورو في أداءه على الدولار الامريكي، ولكن كان الارتفاع بنسبة 3.4% صغيرا بالمقارنة مع بعض الحركات الاخرى.
كانت قوة ومرونة اليورو/ دولار أمريكي في النصف الثاني من عام 2013 قد أدهشت العديد من المستثمرين خاصة في الربع الرابع عندما زاد البنك الفيدرالي ن رغبته في تقليص مشتريات الاصول. وفي ظل ارتفاع عواد السندات الامريكية لأجل 10 سنوات بمقدار 100 نقطة اساس وارتفاع السندات الألمانية لأجل 10 سنوات بمقدار 40 نقطة اساس فقط هذا العام، من المتوقع ان يكون تداول اليورو/ دولار أمريكي عند مستويات اقل. ولكن كانت العملة الاوروبية مدعومة بالفائض القياسي في الحساب الجاري في منطقة اليورو، وانخفاض عوائد السندات، والتنوع والدمج. ويعني الفائض في الحساب الجاري الحالي أن هناك المزيد من الأموال التي تدخل وتخرج من البلاد على شكل التجارة والاستثمار، ويمكن ان يؤدي الفائض المستمر الى ارتفاع العملة الاوروبية. وفي حالة منطقة اليورو،فإن تباطؤ معدل النمو في المنطقة قد قلل من التوازن بين الواردات والصادرات، كما اتسعت الفجوة بينهما بشكل كبير ولكن جهود البنك الفيدرالي للاحتفاظ باسعار الفائدة عند مستوى منخفض قد جعلت عوائد السندات مستقرة الى حد ما. وأخيرا، وبعد الخروج من ازمة الديون في منطقة اليورو، فإن المستثمرين الذين كانوا قد قللوا من قيمة الاصول في منطقة اليورو قد اصبحوا اكثرا ميلا لتملك هذه الاصول هذا العام، حيث تحسنت معدلات الرغبة في المخاطرة وتعافت الاسواق المالية. وكما هو الحال في الاسهم الامريكية، ارتفع مؤشر داكس الألماني لى مستوى قياسي وجذبت هذه الحركة مشترين اليورو من المستثمرين الذين قد قللوا من قيمة الاسهم الاوروبية. ومن المتوقع ان تؤدي هذه العوامل الثلاثة الى تقديم طلب مستمر على اليورو في العام القادم، مما يقلل من خطر الاتجاه الهبوطي احادي الطريق في اليورو/ دولار أمريكي. وبدلا من هذا فإننا نتوقع ان تكون حركة هذا الزوج في نطاق معين ولكن مع ميل هبوطي عام.
من المتوقع ان ينمو اقتصاد منطقة اليورو باسرع معدل له خلال 2014 ولكن سيبقى معدل النمو هذا بطيئا بالنسبة للدول المتقدمة الاخرى. يتوقع البنك المركزي الاوروبي تسارع معدل النمو الاقتصادي الى 1.1% من المستوى الحالي عند -0.4%، وهي نسبة معتدلة للغاية إذا ما قارناها مع معدل النمو بنسبة 3% المتوقع من امريكا العام القادم. وفي ظل التوقعات بانخفاض معدل البطالة قليلا من مستواها المرتفع القياسي عند 12.2%، فلن يشعر الكثيرون في اوروبا بالتعافي. وفي ظل انخفاض اسعار الفائدة وارتفاع الاجور، سوف يكون معدل النمو الاقتصادي الألماني مدعوم بقوة استهلاك المستثمر والمزيد من الصادرات. وفي المقابل، سوف تكون فرنسا هي الرجل المريض في اوروبا. فمع بلوغ البطالة 10.9% (مقابل 6.9% في ألمانيا، واستمرار التماسك المالي، والانكماش في النشاط الصناعي والذي يجعل البلاد في خطر الوقوع في الركود الفني بالاضافة الى رفع الضرائب، فسوف تواجه فرنسا والتي تعتبر ثاني اقتصاد في منطقة اليورو صعوبة في تحقيق معدل نمو سريع. وفي الحقيقة فإن معدلات تأييد فرانسوا هولاند تقع عند مستويات منخفضة و سوف تتعرض العلاقة الوطيدة بين المانيا وفرنسا للضرر بسبب الصعوبات التي تواجهها فرنسا لتكون تنافسية. وفي ايطاليا واسبانيا وهما ثالث ورابع اقتصاديات في منطقة اليورو، من المتوقع ان يكون معدل النمو معدل العام القادم بسب انخفاض سعر الفائدة ومعدل النمو الخارجي. ولكن سيكون امام هاتين الدولتين طريق طويل للتعافي لأن التنافسية تعتبر مشكلة اساسية في ايطاليا واسبانيا، كما ان معدل البطالة مرتفع للغاية ويصل الى 25.98%. ولن يتم علاج هذه المشاكل الجوهرية في العام القادم. ونتيجة لهذا فإن الاتجاه الصعودي غير المؤكد لمنطقة اليورو في عام 2014 قد يجعل الدولار الامريكي أكثر جاذبية من اليورو خاصة في النصف الاول من العام.