اخبار اقتصادية

التحليل الاقتصادي الأسبوعي لسوق الفوركس

هل تعدلت معدلات كره المخاطر؟

في نهاية الاسبوع الماضي شهدنا انخفاض حاد في اسواق الفوركس الناشئة وارتفاع في أصول الملاذ الآمن مثل سندات الخزانة والين الياباني والفرنك السويسري، ويبدو ان هذه الامور قد أدت إلى ثلاث أشياء:  1، المخاوف من أن الصين بعد قراءة مؤشر مديري المشتريات في شهر يناير الماضي قد سقطت في منطقة الانكماش، 2، المخاوف بشأن استدامة الانتعاش الاقتصادي في الولايات المتحدة بعد صدور بعض البيانات الاقتصادية الضعيفة وبعض تقارير أرباح الشركات البارزة التي جاءت أقل من التوقعات بسبب سوء الطقس مثل شركة ماكدونالدز و3، المخاوف من أن دورة تضييق السياسة النقدية العالمية قد تصل إلى الولايات المتحدة الامريكية.

ولتقييم إذا ما كان هناك تعديل في هذه المخاوف، وإذا ما كان من المحتمل استمرار عمليات البيع الناتجة عن هذه المخاوف، من المهم مراقبة الأمور التالية كلا على حدا:

1. الصين:

هي القوة الآسيوية التي يستحق الخوف بشأنها أن يؤخذ  على محمل الجد في رأينا. على الرغم من ان الناتج المحلي الاجمالي الصيني للربع الرابع قد جاء متوافق مع التوقعات، إلا أن انخفاض مؤشر مديري المشتريات بالقطاع الصناعي في يناير يدل على ان معدل النمو قد اخفض مع بداية هذا العام.  وتعتبر التقلبات في أسعار الفائدة على القروض مصدر قلق أكبر.  وفي بداية الاسبوع الماضي كان هناك ارتفاع في اسعار الفائدة على القروض بين البنوك وصلت الى اعلى مستوياتها منذ نهاية عام 2013. ويبدو أن السلطات الصينية مستمرة في رغبتها في كبح جماح الاقتراض المفرط، مما قد يؤدي الى ضيق الأوضاع في الأسواق المالية على مدار هذا العام.  وفي يوم الخميس، أصدر البنك الصينيي تحذير من القروض إلى أصحاب مناجم الفحم.  ومثل هذه التحذيرات يتم إصدارها في الحالات التي يتم الحكم فيها على انه قد تكون هناك مخاطر كبيرة على البنوك.  ويدل هذا أيضًا على ان السلطات الصينية متوترة بشان احتمالات العجز عن سداد الديون، وتقوم باتخاذ إجراءات لكبح جماح الصناعة المصرفية.  وبينما نشك في أن هناك أزمة ائتمانية وشيكة،  فإذا ما أصبحت الأوضاع النقدية أكثر تشددا فقد يحد هذا من نمو الاقتصاد الصيني خلال هذا العام، مما قد يؤذي الثقة في الصين وبأنها ستظل اللاعب الاساسي في الاقتصاد العالمي.  خلال هذا الأسبوع، نعتقد ان الامور في الصين قد تكون هادئة بسبب اجازة العام الجديد هناك.

2. استمرارية التعافي الاقتصادي الامريكي:

 

 من وجهة نظرنا، فقد بالغ السوق في ردة فعله تجاه هذا الأمر، وكانت عمليات البيع المكثفة التي تعرضت لها الاسهم والاصول ذات المخاطر العالية الاخرى في يوم الخميس تعود الى النتائج المخيبة للآمال التي صدرت من بعض البيانات التي تحمل الدرجة الثانية من الاهمية، وهي مؤشر مديري المشتريات لشهر يناير ومعدلات الشكاوى المستمرة من البطالة.  وقد كانت من احد الأفكار الأساسية التي انتقلت مع السوق إلى عام 2014 هي استمرار التعافي الاقتصادي الامريكية واحتمالية استفادة الدولار الامريكي من ذلك.  ومنذ بداية العام، تعرض الدولار الامريكي إلى عمليات بيع مكثفة ولم تكن البيانات الاقتصادية مشجعة.  وقد يعطي السوق الولايات المتحدة الامريكية فرصة أخرى، وبالتالي قد يكون تقرير التوظيف الامريكي بغير القطاع الزراعي لشهر فبراير في غاية الاهمية.  وإذا جاء هذا التقرير بنتيجة أخرى مخيبة للآمال فقد يؤدي هذا الى تعرض سوق الاسهم للمزيد من الخسائر، ولكن على المدى الأطول قد يساعد هذا على تهدئة الأصول ذات المخاطر العالية، حيث يقلل هذا الأمر من احتمالية ان يستمر البنك الفيدرالي في برنامج تقليص مشتريات الأصول إن بدأت البيانات الاقتصادية في إظهار تدهور مستمر.

ومن الجدير بالاهتمام أن تقارير أرباح الشركات خلال الربع الرابع من العام الماضي جاءت بنتائج أفضل من الربع الثالث من العام ذاته، مع زيادة قوة المبيعات والأرباح على نحو خاص.  وكان هذا بقيادة شركات القطاع المالي في الوقت الذي جاء بعدها شركات خدمات المستهلكين والاتصالات.  ولكن على الرغم من أن أرباح الشركات بشكل عام كانت جيدة، إلا أنه كانت هناك بعض التقارير المخيبة للآمال والتي قللت من معدلات الثقة في السوق، وأدى الضعف في قطاع المستهلك إلى ظهور مخاوف بشأن قوة التعافي الاقتصادي بقيادة الاستهلاك في الولايات المتحدة الامريكية خلال هذا العام.  وبشكل عام، من المبكر للغاية القول بان المخاوف بشأن معدل النمو قد تعدلت.  وبينما من المتوقع ان تكون هناك حالة من التوتر عندما تبدأ البيانات في التحول للأسفل، إلا اننا نحتاج لأن يكون هناك دليل إضافي على وجود إخفاق في التعافي الاقتصادي قبل أن نفكر في ان الأسهم سوف تدخل في اتجاه هبوطي مستمر.

 

3. دورة تضييق السياسة النقدية على مستوى عالمي

 

 بدأ في الظهور إشارات أولية بان البنوك المركزية العالمية تبتعد عن السياسة النقدية الاستثنائية.  فقد بدأت السلطات السويسرية في تطبيق إجراءات تحوطية لكبح معدل نمو القروض العقارية، وتلعب السلطات البريطانية بفكرة التخلي عن الإرشاد المستقبلي ويعتقد كلا من البنك البريطاني ووزير المالية البريطانية أن التعافي الاقتصادي المستمر قد يتحقق قريباً، ويبدو ان الصين غير راغبة في الدخول في السياسة النقدية الميسرة على الرغم من معاناة الاقتصاد الصيني مع بداية هذا العات، وقد يشير البنك الاحتياطي النيوزلندي إلى احتمالية رفع سعر الفائدة في اجتماعه في نهاية هذا الشهر، ومن المتوقع أن يبدأ البنك الفيدرالي في تقليص مشتريات الاصول في اجتماعه القادم.

وعلى الرغم من ان بعض البنوك مثل البنك السويسري لا يقومون فعليا برفع اسعار الفائدة، إلا انه من المؤكد انه يوجد بعض القلق بشأن التحول في الاقتصاد وما يتطلبه هذا من وضع السياسة النقدية بعناية، لأن غياب هذا يشجع على تطور فقاعة أخرى.  ويشعر السوق بالقلق من أنه حتى الإجراءات التحوطية تقوم بتفعيل تضييق السياسة النقدية وأن العالم المتقدم سوف يشرع في تضييق السياسة النقدية في الوقت ذاته.    وقد يكون لهذا آثار كبيرة بالنسبة لبعض الأسواق الناشئة، لا سيما تلك التي تعاني من عجز كبير بسبب التمويل من الخارج مثل الهند وجنوب افريقيا واندونيسيا وتركيا. ونتيجة لهذا، فقد شهدنا بعض الخسائر الكبيرة في اسواق الفوركس الناشئة في الاسابيع الاخيرة.  انخفض البيسو الارجنتيني بما يزيد عن 13% الاسبوع ا لماضي، وانخفضت الليرة التركية بنسبة 4% تقريبا. وانخفض الريال البرازيلي بنسبة 3.2% والراند الشمال أفريقي بما يزيد عن 2.5%.  وتعتبر تركيا وشمال أفريقيا في موضع خطر على نحو خاص بسبب ما تواجهه تلك المناطق من مخاطر سياسية هذا العام بما فيها الانتخابات.  تعاني هذه البلاد من مزاعم بوجود فساد سياسي وعدم استقرار اجتماعي.  وفي يوم الخميس الماضي، وفي محاولة لدعم عملتها، أنفقت العملة التركية 3 مليار دولار أمريكي لبيع الدولار الامريكي/ الليرة التركية.  إلا ان تأثير هذا كات عكسي وارتفع الدولار  الأمريكي/ الليرة التركية مسجلا اعلى مستوى قياسي يوم الجمعة.  وفي الوقت الحالي لا تعتبر معدلات الثقة لصالح الاسواق الناشئة، ونعتقد ان ضعف هذه العملات قد يستمر لبعض الوقت. ومن الجدير بالاهتمام انه بعد الارتفاع إلى أعلى مستوياته منذ 2011 في أعقاب التوقعات بان البنك البريطاني قد  يشرع في استراتيجية الخروج في وقت قريب، تعرض الباوند البريطاني لبعض الضغط يوم الجمعة.  ومتحدثا في دافوس يوم الجمعة، أوضح مارك كارني محافظ البنك البريطاني أن السياسة النقدية سوف تظل ميسرة لبعض الوقت.  كما قال بأن دورة الارتفاع الأخيرة في الاسترليني قد تؤذي الصادرات البريطانية.  وقد تسبب هذا في ارتفاع معدلات تقلب الباوند البريطاني، والذي ارتفع إلى اعلى مستوياته عند 1.6668 قبل ان يتعرض لعمليات بيع مكثفة بعد تعليقات كارني وانخفاضه إلى 1.6479. ويدل هذا على ان الطريق الى تطبيع السياسة النقدية قد لا يكون خاليا من المعوقات.  وإذا ما ظهرت رسائل مخالفة لهذا ومخاوف بشأن ارتفاع العملة، فقد يؤدي هذا الى زيادة معدلات التقلب في سوق الفوركس في الاسابيع والاشهر القادمة.

ما الذي يعنيه هذا للأسواق المالية:

  •  يعتبر التوتر في الصين خبر سيء للغاية بالنسبة للسلع وعملات السلع.  ويعتبر الدولار الاسترالي ذو حساسية كبيرة لما يحدث في الاقتصاد الصيني، وكان هذا سبب في انخفاضه الى أدنى مستوياته منذ منتصف عام 2010 يوم الجمعة، مما يمهد الطريق الى العودة الى مستوى 0.8500، وعو المستوى الذي كان قد ذكره قبل ذلك ستيفينز محافظ البنك الاسترالي.
  • إن استمرت المخاوف بشأن الاقتصاد الأمريكي فسوف يكون علينا مراقبة ستاندرد ىند بور 500. بينما على المدى الطويل لا يزال الاتجاه صعودي، إلا انه على المدى القصير يدل التعافي في نهاية الاسبوع الماضي على ان التراجع الحاد هو أمر محتمل.  وفي حالة الاغلاق تحت مستوى 1.812 والذي يمثل المتوسط المتحرك البسيط لـ 50 يوم، فإن هذا يفتح الطريق الى مستوى 1.770 وهو ادنى مستوى كان قد سجله يوم 18 ديسمبر.
  • سوف تكون المخاوف بشأن تضيق السياسة النقدية على المستوى العالمي تحت دائرة الضوء خلال هذا الاسبوع، حيث سيجتمع هذا الاسبوع كلا من البنك الفيدرالي والبنك النيوزلندي.  قد تحدد نتائج هذه الاجتماعات إذا ما تعدلت المخاوف الحالية أم لا. وإن بدا البنك الفيدرالي قلقًا بشأن الضعف الاقتصادي الأخير، فقد نشهد تراجع الاسواق الناشئة عن بعض الخسائر الأخيرة.  ولكن لا تزال انظرة المستقبلية مظلمة بالنسبة لبعض العملات الناشئة، بسبب المخاطر السياسية كما ذكرنا اعلاه.  وبالتالي قد تتلاشى قوة الاسواق الناشئة إذا جاء البنك الفيدرالي بميل للسياسة النقدية الميسرة خلال ها الاسبوع، ولا نزال نعتقد ان هناك المزيد منا لاتجاه الهبوطي الذي ينتظر بعض العملات الناشئة.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى