هناك أمرين يسيطران على الأسواق المالية وسوق الفوركس في الوقت الحالي. الأمر الأول هو أزمة الديون في منطقة اليورو والمخاطر السياسة المتزايدة. والأمر الثاني هو السياسة النقدية للبنك المركزي. يبدأ الاحتياطي الفيدرالي اجتماعه الذي سيستمر لمدة يومين اليوم، والذي سينتهي يوم غد بمؤتمر صحفي لـ “بيرنانكي” محافظ البنك الفيدرالي.
وتعتبر الفروق في السياسات النقدية بين البنوك المركزية هي الفكرة الأساسية في الأسواق في الوقت الحالي. فقد كان ضعف مؤشر أسعار المستهلك الاسترالي ومؤشر أسعار المنتجين سبب في حتمية اتخاذ البنك الاسترالي قرار بقطع سعر الفائدة في اجتماع شهر مايو. والسؤال المطروح الآن هو إذا ما كان البنك الاسترالي سيقرر قطع سعر الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس (أي بما يزيد عن 30 نقطة بالمقارنة مع التضييق المتوقع في السياسة النقدية في الوقت الحالي) خلال شهر مايو، أم أنه سيقرر أن يكون القطع بمقدار 25 نقطة أساس في كلا من مايو ويونيو. بالنسبة لنا فإن الاحتمال الثاني هو الاحتمال الأرجح، حيث أن القطع بمقدار 50 نقطة أساس سيكون حركة حادة، وإن كانت أسعار الفائدة الاسترالية مرتفعة بالفعل، مما يجعل هناك مجال للقطع المتعاقب من البنك الاسترالي.
كما أن هناك محادثات في بنك النرويج على جانب تسهيل السياسة النقدية، حيث يبدو أن “أولسن” محافظ البنك النرويجي قلقًا بشأن قوة الكورونا النرويجية وما قد تؤول إليه من ضغوط انكماشية. ويقلل هذا بالتالي من جاذبية الكورونا النرويجية كعملة اقتراض في مراجحات الشراء بالاقتراض، حيث قد يقرر البنك المركزي قطع إضافي في أسعار الفائدة لكبح قوة العملة النرويجية. وعلى نحو مشابه، يوجد الكثير من الضوضاء في اليابان بشأن قوة الين الياباني. ومن المتوقع أن يزيد البنك المركزي الياباني من حجم برنامج مشتريات الأصول بين 5-10 تريليون ين ياباني عندما يجتمع يوم الجمعة.
ومن ناحية أخرى لدينا البنك الفيدرالي والبنك المركزي البريطاني. ومن غير المتوقع أن يغير البنك الفيدرالي من توقعاته بشأن أسعار الفائدة عندما يجتمع هذا الأسبوع. إلا انه يوجد بعض الاعتدال في النغمة التشاؤمية من بعض المسئولين الفيدراليين في الاشهر الأخيرة، وبالتالي سيكون من المثير للاهتمام لنرى إن كان هناك أي تغيير في توقعات أسعار الفائدة من اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة FOMC على المدى المتوسط. وفي حالة وجود أي تغيير يتعلق بتقديم الموعد المتوقع لتضييق السياسة النقدية عن أواخر عام 2014 فقد يلقى هذا التغيير مهما كانت بساطه استحسانًا من السوق وبالتالي قد يدفع هذا بالدولار الأمريكي إلى الارتفاع.
على الرغم من أن الباوند يتحرك بالاعتماد على الآراء العامة تجاه المخاطر، إلا أن النغمة الايجابية في محضر اجتماع البنك البريطاني الذي انعق في بداية هذا الشهر تستمر في تأثيرها الايجابي على الباوند مما يدعم اتجاهه الصعودي. ولا يزال الباوند/ دولار يجد دعم جيد فوق مستوى 1.6060- وهو مستوى مقاومة سابق وتحول الآن إلى مستوى دعم جديد.
ومن ناحية أخرى، قال “ناوتوني” عضو البنك المركزي الأوروبي يوم أمس انه إن زادت حدة أزمة الديون السيادية في منطقة اليورو فقد يتمكن البنك المركزي الأوروبي في التصرف بطريقة فعالة وقوية . وقال انه لا توجد نية بتخفيض أسعار الفائدة (كما يقول هولا ند المرشح الرئاسي الفرنسي المحتمل في حملته الانتخابية) حتى يزول تأثير برنامج “عمليات التمويل طويلة الأجل” تمامًا. وعلى أي حال، توجد قوى كبيرة للغاية في السوق تؤمن بأنه لا بد من اتخذ المزيد من الإجراءات وان عمليات التمويل طويلة الأجل قد فشلت في تحقيق الهدف المرجو منها لأن هذه العمليات قامت بضخ أموال ذات فائدة منخفضة إلى البنوك الأوروبية، مما يزيد من تعرضهم للديون السيادية ومطالب تحقيق الهامش للبنك المركزي الأوروبي.
وتعتبر هذه هي المرة الأولى خلال أعوام التي تنقسم فيها البنوك المركزية في الدول المتقدمة في سياساتها النقدية بهذا الشكل، ولكن بالنسبة للتجار في سوق الفوركس تعتبر هذه أخبار جيدة، حيث أن هذا يفتح الباب لاحتمالية أن تبدأ الأسواق في العودة إلى الحركة بالاعتماد على العوامل الاقتصادية السياسية بدلا من الاعتماد على معدلات الرغبة في المخاطر وكرهها.
وبشكل عام تسود المخاطر السياسية في منطقة اليورو خلال التداول اليوم. وتقوم الأسواق المالية باستيعاب خيبة الأمل السياسية في هولندا وفرنسا مما يهدد مستقبل منطقة اليورو.
تنخفض عوائد السندات في الدول الاوروبية في الوقت الحالي (لا تنضم اليها عوائد السندات الفرنسية والهولندية)، ويرتفع اليورو وتتعافى الاسهم انتظارًا لاجتماع اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة FOMC. ولم يبالي الباوند البريطاني بضعف بيانات التمويل بالقطاع العام، والتي اظهرت ارتفاع معدلات القروض في القطاع العام في بريطانيا بمقدار 18.2 مليار مقابل المتوقع بقراءة 16 مليون استرليني. ويوم غد سيتم الاعلان عن الناتج المحلي الإجمالي البريطاني وهو الحدث الاكثر أهمية من بريطانيا خلال التداول هذا الأسبوع في سوق الفوركس.